الأموال
الجمعة، 26 أبريل 2024 04:31 مـ
  • hdb
17 شوال 1445
26 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

أسامة أيوب يكتب: فرحة المصريين بالصعود لـ»المونديال«.. دلالات وملاحظات

الأموال

 

 

هذه الفرحة الغامرة التي ملأت مصر كلها من أقصاها إلى أقصاها.. في كل مدينة وقرية وشارع وميدان ابتهاجًا بالفوز الذى حققه المنتخب الوطنى أمام منتخب الكونغو والصعود إلى نهائيات كأس العالم.. هذه الفرحة الغامرة ليس لها في حقيقة الأمر سوى تفسير واحد وهو احتياج المصريين الشديد إلي السعادة والفرح بقدر تطلّعهم إلي إحراز أى انتصار أو إنجاز.

لقد شاءت الأقدار أن يتواكب هذا الانتصار الرياضي البهيج مع الاحتفال بذكرى الانتصار العسكرى المجيد الذى تحقق قبل أربع وأربعين سنة، وحيث جاء هذا الانتصار الرياضي وهو الثانى من نوعه خلال ثلاثة عقود.. احتفالا بالذكرى الثامنة والعشرين للانتصار الأول حين صعد المنتخب الوطنى عام 1989 لنهائيات كأس العالم التى أُقيمت في إيطاليا عام 1990.

< < <

ورغم أن هذا الانتصار الرياضى تحقق فى غمرة الاحتفال بذكرى انتصار حرب أكتوبر، وحيث كاد أن يغطى علي الاحتفال بهذه الذكرى، إلا أن العبقرية المصرية نجحت في الجمع بين الاحتفالين علي نحو ما جرى مع افتتاح مركز المؤتمرات والمعارض وإقامة الندوة التثقيفية للقوات المسلحة بعنوان »أكتوبر.. أنشودة النصر« وحيث حرص رئيس الجمهورية علي تكريم لاعبي وإداريى المنتخب وتوجيه الشكر لهم ضمن فعاليات ذكرى النصر العسكرى.

إن احتفالات المصريين بهذا الانتصار الرياضى الكبير والتي تواصلت حتى الساعات الأولى من فجر اليوم التالى والتى بلغت ذروتها لدى الشباب الذين يمثلون غالبية الشعب المصري بنسبة 69% وفقاً لأرقام التعداد الأخير.. هذه الاحتفالات لا تخفى دلالتها التى تعنى بل تؤكد تلك السمة التاريخية التي يتميز بها هذا الشعب الذى يتوحد دائماً فى الأفراح والانتصارات مثلما يتوحد في الأحزان والانكسارات.. لا أعادها الله..

< < <

لكن تبقي ثمة ملاحظات وتساؤلات يتعين إبداؤها فى هذا السياق السعيد، لعل أولها: لماذا تتبدى وتتجلى هذه العواطف الجياشة في كرة القدم والانتصارات الكروية بينما تتوارى في بقية المجالات الأخرى الجادة والتى تعلو أهميتها بالضرورة فوق كرة القدم.

هل السبب هو ذلك الهوس الكروى الذى تزيد وسائل الإعلام اشتعاله إلى هذا الحد، أم لأن الشباب وهم الأكثر اهتماماً بالكرة لم يعد لديهم أى اهتمامات أخرى ولم يعد هناك ما يسعدهم ويفرحهم سوي كرة القدم.

< < <

الملاحظة الأخرى هى أن هذا الفوز الذى صعد به المنتخب إلي نهائيات كأس العالم ظل غير محقق وغير مؤكد حتى الدقيقة قبل الأخيرة من نهاية المباراة، ومن ثم فإنه كان من الممكن ألا يتحقق، فماذا كان يمكن أن يكون رد فعل المصريين لو لم يفز المنتخب؟

من المؤكد أن تلك الفرحة الغامرة كانت ستتحول إلى أحزان وإحباط، ومن المؤكد أن كل التهانى التي انهالت علي اللاعبين كانت ستتحول إلى لعنات واتهامات بالتخاذل والتهاون.

ولعله لا خلاف علي أن الحظ كان حليف المنتخب الوطنى في مواجهة منتخب الكونغو الذى كان يؤدي المباراة بأعصاب قوية باعتبار أنه خرج من منافسة الصعود بالفعل، ثم إنه وللإنصاف كان فريقاً قويًا، ولقد غطت فرحة الفوز علي قوة الهدف الذى أحرزه في مرمى المنتخب المصري والذى كاد ينهى المباراة بالتعادل.

الخلاصة أن الفوز تحقق بدعاء ملايين المصريين وأيضاً بالمصادفة بسبب ضربة الجزاء في الدقيقة قبل الأخيرة والتى أحرز منها هدف الفوز اللاعب المتألق محمد صلاح الذى أكد حرفيته العالية.

> > >

الأمر الآخر هو أن »الأرض تقاتل مع أصحابها« وهو تعبير مازلت أذكره نقله المعلق الرياضي الشهير والراحل محمد لطيف عن الشيخ الباقورى رحمه الله حين هُزم الفريق المصرى فى الستينات أمام فريق أجنبى خارج مصر.

< < <

الملاحظة المهمة والتى لا خلاف عليها من الناحية الفنية هى أن أداء المنتخب لم يكن على المستوى المطلوب مقارنة بالمنتخب الكونغولى باستثناء محمد صلاح ولاعبين اثنين أو ثلاثة آخرين، ولذا فإن فوزه علي الكونغو وصعوده لنهائيات »المونديال« لا يعنى بالضرورة أنه فريق قوى يمكن أن ينافس بقوة في موسكو لتحقيق ترتيب معقول.

< < <

وفي نفس الوقت فإن المدرب »كوبر« بشهادة واعتراف كل خبراء الرياضة وكرة القدم المصريين ليس على المستوى لتدريب المنتخب، وكان الجميع يطالبون بإبعاده عن التدريب، ولذا فإن فوز المنتخب لا يعنى استمراره، وإذا كان الرئيس السيسى قد قدم له الشكر خلال تكريم أعضاء المنتخب كنوع من المجاملة والتهنئة، فإن ذلك أيضاً لا يعنى استمرار التعاقد معه.

< < <

وتبقى الملاحظة الأهم وهى عدم المبالغة فى حقيقة الفوز الذى تحقق والركون إليه بل يتعين بدء برنامج تدريبى تأهيلى رفيع المستوى لإعداد المنتخب للأداء الأقوى فى موسكو واستكمال المسيرة على النحو اللائق.

< < <

فى نهاية هذه السطور أجدنى مضطرًا للاعتراف بأنى لا أفهم في فنيات كرة القدم بل لست متابعًا لمبارياتها وهذه المباراة كانت أول مباراة أشاهدها منذ سنوات طويلة، ولذا فإن كل ما قلته ليس سوى ملاحظات مراقب وهى ملاحظات عابرة من خارج دائرة كرة القدم ومن مسافة بعيدة.

< < <

غير أنى أردت أن أذكّر وأردّد المثل الشعبى المصرى »راحت السَكرة وجاءت الفكرة« والمعنى أن فرحة الفوز والصعود لا يجب أن تنسينا ضرورة الاستعداد المبكر والعمل الجاد قبل الذهاب إلى موسكو العام القادم، وأيضًا ضرورة العمل الجاد لإنجاز انتصارات أخرى في كل المجالات.

مصر للطيران

آخر الأخبار

بنك الاسكان
NBE