الأموال
الخميس، 2 مايو 2024 01:08 صـ
  • hdb
22 شوال 1445
2 مايو 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

أسواق وريادة أعمال

موسم حلب أولياء الأمور.. ابتدأ المشوار

الأموال

موسم حلب أولياء الأمور.. ابتدأ المشوار

عدوي الدروس الخصوصية تنتقل من الثانوية إلى الكلية

هل تنجح الضبطية القضائية فى مواجهة تجاوزات التعليم »الخصوصى«

إعلانات السناتر تحتل أسوار المدارس والجامعات.. وكى جى وان دخل »المفرمة«

في الجامعة المذكرة بـ100 جنيه و»الحسابة بتحسب«

 

لم يعد الأمر يقتصر على حوائط الشوارع الرئيسية المدون عليها عبارات مثل «صاروخ» الفيزياء، و«دكتور» الأحياء، و«عبقري» الرياضيات، فصفحات مراكز الدروس الخصوصية على «فيسبوك» أصبحت تقدم ذلك النوع من الدعاية، بل إن هذه المراكز أنشأت قنوات على «يوتيوب» لمراجعة الدروس.

في البداية, «هنا في هذه المنطقة أستاذ كيمياء، عربي، ولغات، خبرة كبيرة (أولي وثانية وثالثة ثانوي) كيمياء لكلية الصيدلة وطب الأسنان» إعلانات ملأت أعمدة الإنارة في منطقة الشناوي بالقرب من مدرستي السيدة عائشة الثانوية وجيهات السادات الثانوية، يعلن فيها أحد الأشخاص عن قدراته في شرح عدة مواد في نفس الوقت للتعليم الثانوي والجامعة.

قال أحمد عبدالوهاب، طالب، إن الإعلان لا يوجد فيه أي تعجب، فأنا أدرس في كلية الحقوق ويوجد شخص يعطي درساً خصوصياً في جميع مواد الكلية من الفرقة الأولي إلى الرابعة، أي مادة يشرحها ومتمكن فيها بل إنه يحفظ المواد عن ظهر قلب ويسمعها لطلابه الذين يحصلون عنده على دروس بأرقام فلكية، والشهر الواحد يتخطي الألف جنيه، ويزداد أيام الامتحانات، لكن من يأخذ عنده درساً ينسي الذهاب إلى الكلية تماماً.

 وأضاف، سناتر المعيدين بالجامعة أصبحت تحاصر جامعة المنصورة، ولا أحد من المسؤولين يتحرك، ويبيعون مذكرات بها محاضرات وحل لأسئلة الدكتور يتخطي ثمن المذكرة الواحدة 100 جنيه، فقد انتقلت الدروس الخصوصية من المدارس إلى كليات الجامعة. وأشار طلعت عبدالحي، ولي أمر، إلى أن السناتر الموجودة في حي جامعة المنصورة أصبح المدرس أو المعيد بالجامعة لا يتحمل تكلفتها بل الطلاب هم من يتحملون تكلفة الكرسي الذي يجلسون عليه ويدفعون إيجاره لصاحب السنتر، ويدفعون قيمة الحصة أو الشهرية للمدرس، وهذا هو الحال الآن، ولم تكتف السناتر بذلك بل فتحت كافتيريات بداخلها وآلات تصوير مستندات لتصوير مذكرات المدرسين.

أستاذ كيمياء «عربي ولغات» خبرة كبيرة أولي وثانية وثالثة ثانوي.. وكليات «صيدلة وطب أسنان».. كل ده في إعلانات على أعمدة إنارة في «السيدة عائشة»

وأشار إلى أن بعض السناتر أصبح يتخفي في مراكز اللغات والكمبيوتر لكي يتهرب من الملاحقة ومن الضرائب في نفس الوقت، لأنه لو تم الإبلاغ عنه يصدر أمر إداري بإغلاقه، ولكن الجميع يتمكن من «تمشية حاله». وأوضح «أ. م»، مدير مدرسة ثانوي، أن بعض المدرسين تفرغوا للدروس الخصوصية وبعض الذين لا علاقة لهم بالتربية والتعليم أيضاً، وبعضهم يعمل بنظام السكرتارية لتنظيم المواعيد، وهؤلاء خطر على التعليم في مصر، وعندما تشتد الرقابة عليهم في السناتر يدخلون في جحورهم وبدأوا يشرحون في البيوت، ولما وجدوا الأمور هادئة خرجت الديابة من جحورها وأخذوا الطلاب من المدارس ليشرحوا لهم في أماكن لا تليق بالعملية التعليمية، بل إن الطالب يحصل على أكثر من درس خصوصي في المادة الواحدة.

وطالب بقانون رادع يتم تطبيقه على المدرس والطالب والمدرسة حتى يعود الطلاب إلى مدارسهم وأيضاً المدرسون. وقال «أ. س»، عامل في مركز دروس خصوصية بالمنصورة، إن أهم شيء عندنا أن يتم ترضية أصحاب القرار، ونحن نفتح بشكل علني ولا نخاف من أحد حتى لو تم إغلاق السنتر ووضع الشمع الأحمر عليه نعمل بعد أن تمشي اللجنة وكأن شيئاً لم يحدث، فنحن نعمل 18 ساعة في اليوم ولا نغلق إلا ساعات قليلة يرتاح فيها المدرسون.

وأضاف عبدالله محمود، طالب: «الدرس الخصوصي أفيد لي فأنا أحدد مواعيده، وأي خلل في المواعيد يجعلني أفقد التركيز، وأحصل على درس خصوصي عند أكثر من مدرس في المادة الواحدة لأن لكل مدرس قوة في جزء معين من المادة، وأصرف شهرياً ما يزيد على 3 آلاف جنيه، لأنه غير وارد أن أفقد درجة واحدة في الامتحانات لأن فقد درجة معناه أن أذهب إلى الجامعات الخاصة وفيها أصرف أضعاف ما أصرفه على الدروس الخصوصية في الثانوية العامة. وأضاف أن المدرسين في المدرسة لا يرغبون في أن نحضر لأننا نسبب لهم إزعاجاً من وجهة نظرهم، ولا يمكن لمدرس أن يترك موعد درس خصوصي لديه ويجلس في المدرسة ليشرح حصته، وخاصة في مدارس الأرياف أو المدن البعيدة، وأنا مستعد أن أنتظم في المدرسة لو وجدت شرحاً يفيدني.

«هذا المركز يقدم لك، عزيزي الطالب وولي الأمر، أفضل المدرسين، ويضم نخبة مشهوداً لها بالكفاءة والتفوق»، جملة بدأ بها «مركز الرضوان» للدروس الخصوصية إعلاناً دعائياً يوزع على الطلاب، لكن على صادق، الطالب بالصف الثالث الإعدادي، يعتبر هذا الإعلان مثله مثل غيره: «كلهم بيقولوا نفس الكلام، في الآخر كل السناتر شبه بعضها، مهما ادعوا من اختلاف أو تميز».

وأضاف: الطالب الذي يحرص قبل مطلع كل عام دراسي على تحديد المركز الذي سيتجه إليه: «دلوقتي بقي على فيسبوك كل حاجة، وبندور من خلاله، وليا زمايلي اللي عدوا المرحلة دي بيفيدوني»، معتبراً أن «فيسبوك» تحول إلى إحدى أدوات الدروس الخصوصية، سواء بالدعاية أو تقديم المحتوي.

دعاية مكثفة تبالغ في وصف عبقرية المدرس وقدرته الفذة على الشرح وتوصيل المعلومة والتنبؤ بالامتحان

في صفحة على «فيسبوك» بعنوان مركز «الزيتون التعليمي»، يوجد عنوان وأرقام هواتف المركز الذي يقدم دروساً خصوصية لطلاب الثانوية، كما تقدم الصفحة كذلك شرحاً تفصيلياً لما يقوم به، حيث تضمنت الصفحة بعض الجداول الخاصة بالمحاضرات، وشددت على ضرورة الحضور قبل بدء المحاضرات بنصف ساعة، وقد حازت الصفحة على أكثر من 4500 إعجاب.

ويرى محمد محسن، أحد مدرسي المرحلة الثانوية، أن الصفحات تلك تروج لمراكزها بشكل ذكي، عبر وضع الفيديوهات الخاصة بالشرح وصور جداول المحاضرات والتهنئات للطلاب، قائلاً: «مع كل شير، طالب جديد بيعرف عنها، ومع كل فيديو فيه طالب بيحس إن ده مكان كويس ومهتم بالتعليم، والأسر تحاول تدور لأبنائها فيه على مكان ليهم، لكن في الآخر ده كله شو».

سبورة المحاضرة إن محاها مدرس المادة، فليس على الطالب سوي أن يعيد فتح صفحة المركز عبر «فيسبوك»، وفي تلك الحالة سيجد صورة لها، وليس عليه غير أن ينقلها إلى كراسته، بينما الطلاب المتغيبون، يستطيعون متابعة بعض المحاضرات التي يقدمها المركز في بعض الأيام، عبر موقع «يوتيوب»، لا سيما لو كان للمدرس شهرة، فهو أمر يضمن عدداً أكبر من الطلاب الذين سيتناقلون الفيديو، ومن ثم انضمامهم له.

وفي البحيرة، بدأت معركة الدعاية لمراكز الدروس الخصوصية مبكراً هذا العام، بعد أن دشن مسؤولو تلك المراكز حملات دعاية ضخمة عقب الانتهاء من امتحانات الشهادات بجميع مراحلها، متخذين أسوار المدارس والمنشآت الحكومية والخاصة مسرحاً للإعلان عن أنشطتهم التعليمية، وعكف معلمو الثانوية العامة على الإبداع في وصف أنفسهم، وإطلاق ألقاب لهم على جدران الدعاية، من قبيل: «إمبراطور الفيزياء، وحش اللغة العربية، صاروخ الرياضيات..» وغيرها من الألقاب.

وفي مدينة كفر الدوار، أكبر مدن محافظة البحيرة، شهدت الشوارع الرئيسية والأماكن العامة حملات دعاية كثيرة لمراكز الدروس الخصوصية، التي أصبح يطلق عليها «سناتر»، حتى إن بعضهم أوهم الطلاب بقدرته على جعلهم متفوقين، وأنه لن ينجح أحد إلا إذا اشترك في مجموعته التعليمية.

واختلفت أسعار المدينة عن القري بشكل كبير، حيث وصل سعر المادة في سنتر الثانوية العامة داخل المدينة إلى 100 جنيه، أما في القري فيكون اشتراك جميع المواد 150 جنيهاً لطلاب الثانوية، و80 جنيهاً لطلاب الإعدادية، و50 جنيهاً لتلاميذ الصفوف الابتدائية.

أما في كفر الشيخ، فقد امتدت إعلانات مراكز الدروس الخصوصية إلى مرحلة «الحضانة»، ففي أحد شوارع حي القنطرة البيضاء بمدينة كفر الشيخ، تجد «سنتر» للدروس الخصوصية، يدعي «smart»، يقوم بلصق إعلاناته الترويجية للدروس من مرحلة «كي جي1» وحتي الصف الثالث الابتدائي، مصحوباً برقم هاتف لأحد المعلمين.

وعن هذا السنتر، تقول عبير، إحدى سكان المنطقة، إنه يعطي دروساً خصوصية للأطفال فقط حتى الصف الثالث الابتدائي لمدارس اللغات، وفي مرحلة الحضانة يكون سعر الشهر للطفل 150 جنيهاً، حيث يتلقون دروسهم وألعابهم داخل حجرتين منفصلتين بإحدى الشقق السكنية، إحداهما للدراسة والأخرى لممارسة الأنشطة، ويكون الكورس لـ30 طفلاً. وأضافت «عبير»: «اثنان من المعلمين يقومان بإعطاء الدروس للأطفال، بالإضافة إلى وجود «دادة» للعب مع الأطفال وتلبية احتياجاتهم، وبيجيبوا لعب للأطفال وبيعلموهم الرسم والموسيقي، وده بينمي قدرات الطفل، بودي ابني لما بييجي من المدرسة، وبيذاكروا ليه دروسه».

من جانبة, أكد الدكتور محب الرافعي، وزير التربية والتعليم الأسبق، أن الضبطية القضائية يمكن أن تكون «رأس الحربة» التي تستخدمها الوزارة للقضاء على الدروس الخصوصية، التي أصبحت آفة العملية التعليمية في مصر، مشيراً إلى أن مراكز الدروس الخصوصية منتشرة بجميع محافظات مصر، وأصبحت ظاهرة متوغلة في ثقافة المجتمع

وأضاف, ظاهرة الدروس الخصوصية يجب محاربتها، وإغلاق كل مراكز الدروس الخصوصية في مختلف محافظات الجمهورية عن طريق الضبطية القضائية التابعة لوزارة التربية والتعليم، لأن الدروس الخصوصية تعمل على إضعاف العملية التعليمية في مصر.

وأوضح أن الدروس الخصوصية آفة العملية التعليمية في مصر فهي منتشرة ومتوغلة في ثقافة المجتمع المصري، ولا بد من رفع أجور المعلمين، وتطوير الامتحانات التي تعتمد على الحفظ والتلقين، فبعد أن ينتهي الطالب من الامتحان ينسي كل شيء، ويجب أن يتم ذلك من خلال خطة تنفيذية يتم وضعها لتطوير المنظومة التعليمية يكملها كل وزير يأتي لتنفيذها على أرض الواقع ولا تكون مجرد عبارة عن توصيات.

كما قال الرافعي, أن المعلم مظلوم في مصر، فنحن دائماً ننظر إلى فئة محددة وقليلة من المعلمين وهي الفئة التي تعطي الدروس الخصوصية، فنحن لدينا مليون و600 ألف معلم، منهم 10 آلاف معلم يعطون دروساً خصوصية ويتقاضون مبالغ كبيرة جداً، ولكن لدينا أيضاً عدد كبير من المعلمين لا يعطون دروساً خصوصية، ونحن نطالب بتحسين دخل المعلم، مثل فنلندا، التي تتميز بأحسن نظم تعليمية في العالم، ولا بد أن تكون هناك معايير دقيقة جداً لاختيار المعلمين، ففي فنلندا أي معلم لا بد أن يكون حاصلاً على الماجستير والدكتوراه، لذلك أصبحت من أقوي دول العالم في التعليم.

وأضاف« لجنة الضبطية القضائية التابعة لوزارة التربية والتعليم قادرة تماماً على إغلاق جميع مراكز الدروس الخصوصية، كما أنها قادرة على الوصول لجميع المعلمين الذين يعطون دروساً خصوصية«.

وأشار إلى أن وزارة التربية والتعليم قادرة تماماً على محاربة الدروس الخصوصية، وإغلاق جميع مراكز الدروس الخصوصية في مختلف محافظات مصر، ولكن ذلك يحتاج إلى التخطيط المستمر، ووضع خطط بديلة للدروس الخصوصية، حتى تتمكن الوزارة من القضاء نهائياً على ظاهرة انتشار مراكز الدروس الخصوصية.

وأكد الرافعي أن المستقبل متوقف على مدى أهمية أن تصبح قضية تطوير التعليم في مصر من أولويات الإرادة السياسية لتنفيذ خطوات تطوير التعليم على أرض الواقع، ولكي يتطور قطاع التعليم، فلابد أن يتحول الاهتمام بالطالب من الحفظ والتلقين إلى مهارات البحث والتفكير الابتكاري النقدي، واعتماد الامتحانات على الخيال العلمي والابتكار.

مصر للطيران
بنك الاسكان
NBE