الأموال
الثلاثاء، 23 أبريل 2024 02:33 مـ
  • hdb
14 شوال 1445
23 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

دكتور محمد فراج أبو النور يكتب: «جريمة المطار».. من يدفع تكلفتها الفادحة؟؟

الأموال

 

انقطاع التيار عن مطار القاهرة لمدة ساعتين.. جريمة.. وتعطل المولدات البديلة المعدة لمثل هذه الظروف جريمة أكبر، وهى جريمة من الخطورة بحيث لابد أن تطير فيها رؤوس كبيرة كثيرة إذا كنا نريد لهذا البلد أن ينضبط أو يتقدم.. لا أن يحال (11) عاملاً وفنياً أو حتى (11) مهندساً للتحقيق.. فما حدث هو أن التيار الكهربائى انقطع عن مطار العاصمة الدولى، ودون أن يرتبط ذلك بعطل فى شبكة كهرباء العاصمة كلها.. أو حتى شبكة الكهرباء فى المنطقة المحيطة بالمطار.. وهو أمر يثير ارتياباً كبيراً فى أسبابه.. وهل هى متعمدة أم ناتجة عن عبث عارض أم تخريب مقصود؟؟ وهى مسألة لها جوانبها الفنية.. ويجب تركها لتحقيق النيابة والجهات الفنية المختصة لكن من حق الرأى العام أن يطلع على هذه الأسباب بعد التحقيق.. وأن يتأكد أن هذا الحادث الخطير للغاية غير قابل للتكرار.. وأن المسئولية عنه حتى أعلى مستوى قد لقوا جزاءهم الرادع.. وليس (11) عاملاً أو فنياً أو حتى مهندساً.. وأن هذا الجزاء مناسب للجريمة التى وقعت بكل أبعادها الأمنية والإعلامية والاقتصادية.. وهى كبيرة جداً..

أما الجريمة التى لا يحتاج اتخاذ إجراءات رادعة فيها إلى تحقيقات فنية أو موسعة بشكل خاص.. فهى أن المولدات الكهربائية التى يجب أن تعمل بشكل أوتوماتيكى فى حالة انقطاع التيار الكهربائى.. اتضح أنها لا تعمل! وهكذا ظل مطار القاهرة (الدولى!!) غارقاً فى ظلام دامس لمدة ساعتين كاملتين!! وهذا شىء يمكن السماح به فى (طابونة) أو مقهى بلدى فى قرية أو مدينة إقليمية صغيرة.. أما أن يحدث فى عاصمة البلاد.. وفى منشأة استراتيجية بالغة الخطورة كمطار العاصمة فأمر يستحيل تصديقه أو حتى تخيله!! هذه كارثة تكشف إما عن فساد جسيم (إذا كانت المولدات غير صالحة أصلاً).. أو عن إهمال إجرامى شديد الجسامة (إذا كانت المولدات قد فسدت فنياً بسبب عدم استخدامها لمدة طويلة).. ومن الطبيعى أن نسأل: هل بلغت الفوضى درجة ألا تحدث صيانة لهذه المولدات كلها (بلا استثناء!!).. فلا يعمل ولو واحد منها!!.. وقت الحاجة إليه؟!! وبفرض أن صفقة المولدات كلها فاسدة أصلاً... فهل من المعقول ألا تكون قد روجعت صلاحيتها إطلاقاً؟؟!! هذا كله لايمكن أن يحدث فى أى دولة محترمة أو (شبه محترمة).. هذه مصيبة تستوجب استدعاء كل المسئولين عن شراء وتوريد هذه المولدات - مهما يكن مستواهم الوظيفى - وكل المسئولين عن تركيب وتشغيل وصيانة هذه المولدات - مهما يكن مستواهم - وكل المسئولين عن أمن إمداد المطار بالطاقة والإضاءة - مهما يكن مستواهم - ومحاسبتهم محاسبة عسيرة.. أولى درجاتها الفصل من الوظيفة.. فضلاً عن فحص ذممهم المالية بكل دقة وهذا يؤكد أن أجهزة الرقابة المالية ستجد ما تفعله.. فمثل هذه الكارثة لا يمكن أن تحدث إلا إذا كانت هناك شبهة فساد قوية جداً.

ثم بعد ذلك يجب مساءلة جميع السادة المذكورين أعلاه عن الخسائر الاقتصادية والأدبية التى أصابت البلاد بسبب سيطرة الظلام الدامس على مطارها (الدولى) لمدة ساعتين كاملتين وعن الأخطار الأمنية الفادحة  التى ظل المطار معرضاً لها لمدة ساعتين كاملتين.. ومعه سمعة البلاد الأمنية كلها.. بما لذلك من تأثيرات مباشرة وغير مباشرة على السياحة، التى نبذل كل جهود ممكنة لإنعاشها..  ونحن فى مسيس الحاجة لكل دولار يأتى منها.

نعم.. فبغض النظر عن إعلامنا الذى (يكفى على الخبر ماجور).. فإن هذا الحدث الجلل قد عرف به العالم كله فوراً.. بما فى ذلك - طبعاً - شركات السياحة ونرجو أن تكون  وزارة السياحة أمينة بما فيه الكفاية لأن تعلن للرأى العام عن العقود والحجوزات التى ألغيت بسبب هذا الحادث الخطير.. وأن يكون الإعلام جاداً ومسئولاً بما فيه الكفاية لأن ينشر كل ما يتصل بالموضوع على الرأى العام.. ولا يعتم على الأخبار حرصاً على (خاطر) هذا «المسئول» الفاسد أو ذاك «المسئول» المهمل.

ما يزيد الطين بلة فيما يخص «جريمة المطار» أن الحادث وقع فى نفس الوقت الذى كانت فيه لجنة أمنية روسية تراجع إجراءات الأمن فى المطار تمهيداً لاتخاذ قرار بشأن صلاحية إجراءات الأمن فيه لاستقبال السائحين الروس وكانت الصحف كلها تقريباً تتهكم على اللجان الروسية بكلمات متشابهة لديها كلها.. خلاص «لعلها تكون المرة الأخيرة».. ليجىء الحادث بغير ما تشتهى سفن صحافتنا.. وبغير ما نشاء نحن جميعاً.. فقد وقع وقت قيام اللجنة المذكورة بالتفتيش!! وطبعاً بكل ما ينطوى عليه الحادث من مخاطر أمنية.. ولا نملك إلا أن نحمد الله على السلامة.. بحيث خلال ساعتين من الظلام الدامس كان يمكن أن يحدث أى شىء.

غير أن السؤال الذى يفرض نفسه هنا هو؟

هل هناك من يتعمد أن يقع هذا الحادث فى وجود لجنة التفتيش الروسية لتظل عودة السياحة الروسية مؤجلة بما يعنيه ذلك من خسائر فادحة.. لا نستطيع بالطبع أن ننفى أو نؤكد شيئاً فى هذا الصدد.. لكننا نستطيع القول بأن الأمر لو كان كذلك لكان تخريباً متعمداً.. وبالغ الخطورة.. كما نستطيع أن نطالب بفحص دقيق جداً لإمكانية وجود خلايا إخوانية فى المطار.. لأن فرضية وجود مثل هذه الخلايا تنطوى على مخاطر أمنية ضخمة.

ولا نريد أن نثير الذعر.. لكن استبعاد وجود هذه الخلايا دون تحقيق أمنى شديد سيكون  نوعاً من السذاجة بل من الاستهتار.

وهنا ينبغى أيضاً أن نشير إلى حقيقة بالغة الأهمية لكن إعلامنا (يكفى علىها ماجوراً) هى الأخرى.. تلك هى أن بريطانيا أيضاً وليست روسيا وحدها، لا تزال تمنع السياحة الجماعية منها إلى مصر (حوالى مليون سائح).. ولا تزال تراجع إجراءاتنا الأمنية.. لكن الإعلام يركز على روسيا وحدها لسبب يعلمه الله!! ووقوع مثل هذا الحادث الخطير يؤجل، للأسف الشديد، حصول مطاراتنا على الضوء الأخضر من الشركة البريطانية المكلفة بفحص الإجراءات الأمنية لدينا.

وبديهى أن غياب «الضوء الأخضر» الروسى والبريطانى له تأثير شديد السلبية على تدفق السياحة الأجنبية على مصر.. ويحد منها كثيراً.

وعلى ضوء حقائق مثل هذه.. وعلى ضوء ما ينجم عنها من خسائر فادحة.. يجب أن يكون الحساب عسيراً.. بل وعسيراً جداً لكل من له علاقة بـ«جريمة المطار» أما المخاطر الأمنية التى كانت قائمة لمدة ساعتين فتوجب حساباً أكثر من عسير!! وإذا  كان الله قد لطف ببلادنا هذه المرة، فما كل مرة تسلم الجرة.. ونكرر: إن الحساب العسير - والأكثر من العسير -  لا ينبغى أن يستثنى أحدًا مهمًا يكن مستواه الوظيفى - فكفانا ما ندفعه من ثمن فادح للفساد والإهمال والفوضى.. حفظ الله مصر من كل سوء.

مصر للطيران

آخر الأخبار

بنك الاسكان
NBE