الأموال
الخميس، 18 أبريل 2024 07:08 مـ
  • hdb
9 شوال 1445
18 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

أسامة أيوب يكتب:23 يوليو بعد 65 سنة

الأموال


 

 

سوف تظل ثورة 23 يوليو 1952 التى تأتى ذكراها الخامسة والستون اليوم (الأحد).. مجالا للجدل والخلاف بين مؤيديها ومعارضيها.. بين من تراجع تأييدهم لها وتحول للمعارضة وبين من لا يزالون مؤيدين لها بشدة.

وأحسب أن حكم التاريخ النهائى عليها سوف يبقي مؤجلا لحين مرور مائة عام علي قيامها علي أقل تقدير.

بصرف النظر عن وجهة نظر المعارضين الذين كانوا يرون أنها أضرت بمصر وليتها ما حدثت.. مستندين فى ذلك إلى ازدهار الحياة السياسية والنيابية قبلها، حيث شهدت البلاد رغم النظام الملكى بقايا الاحتلال البريطانى في منطقة قناة السويس.. حقبة ليبرالية متقدمة.. كانت مرشحة لأن تضع مصر في مصاف أكبر الدول الديمقراطية.. استنادا إلي تراث نيابي برلمانى ظل ينمو تدريجيا عبر كفاح سياسى قادته النخبة السياسية والحزبية والثقافية.. وصولا إلي دستور عام 1923 الذى قطعت به مصر شوطا كبيرا وخطوة واسعة نحو الديمقراطية.. التي وأدتها ثورة يوليو.

< < <

وبصرف النظر أيضا عن وجهة نظر المؤيدين والذين لايزالون مؤيدين ويعتبرون قيام ثورة يوليو كان ضرورة سياسية واجتماعية وحتمية تاريخية.. مستندين فى ذلك إلى إلغاء الملكية وإعلان الجمهورية (وكأن الملكية رجس من عمل الشيطان) ومستندين أيضا إلي ما يعتبرونه إنجازات الثورة متمثلة في الإصلاح الزراعى ومصادرة أملاك كبار الملاك وتوزيعها علي الفلاحين البسطاء وحيث تفتتت بعد ذلك تفتتا ضارا بمنظومة الزراعة ذاتها، ومستندين أيضا إلي مجانية التعليم التى أتاحت التعليم للفقراء وإلي آلاف المصانع وبناء السد العالي وإجلاء بقايا الاحتلال البريطانى من منطقة قناة السويس ثم تأميم القناة ثم قرارات التأميم للقطاع الخاص، والأهم من ذلك ــ وللموضوعية ــ العدالة الاجتماعية التى تحققت بدرجة كبيرة.

< < <

ثم إنه بصرف النظر عن تفنيد المعارضين لكل تلك الإنجازات التي يشيد بها المؤيدون، حيث يستندون في ذلك إلي فشل وتردىّ منظومة التعليم وحيث باتت المجانية أكذوبة، وإلي فشل المصانع بسبب سوء الإدارة التي تمت توليتها لأهل الثقة من غير ذوى الكفاءة والخبرة، حتى إجلاء الاحتلال والذى اقتصر تواجده وفقاً لمعاهدة 1936 عند منطقة قناة السويس فقد كان سيرحل بغير حاجة إلي الثورة مثلما رحل عن كل الدول العربية بما فيها مشيخات الخليج في ذلك الوقت.

< < <

بصرف النظر عن الجدل الذى لايزال دائرا بين المؤيدين والمعارضين فإنه يبقي أن الأهم في تقديرى الشخصى هو أن نظام يوليو برئاسة عبدالناصر أغلق الحياة السياسية الليبرالية التي كانت قائمة تماما بادعاء أن الأحزاب فاسدة فاستعاض عنها بتنظيم سياسى وحيد.. عطل الحياة النيابية حتى بدت كل برلمانات يوليو ديكورا شائهاً بالمخالفة لأحد المبادئ الستة للثورة.

< <<

لقد اتسمت سنوات يوليو بالحكم الشمولي الديكتاتورى وغابت تماما حرية الرأى والتعبير والنقد الذى لو أتاح له عبدالناصر الفرصة واستمع إليه لكان ذلك في صالحه وصالح نظامه بل صالح مصر كلها.

< <<

لقد أخطأ عبدالناصر حين اعتبر أن الديمقراطية الاجتماعية متمثلة في العدالة الاجتماعية بديل مقبول للديمقراطية السياسية، بل لقد كان ذلك أكبر أخطائه بل خطاياه.

ولقد كانت هزيمة 5 يونيو 1967 هزيمة منكرة أضاعت من بين ما أضاعت وأهدرت كل إنجازات يوليو وعبدالناصر، وكانت النتيجة الطبقية والمتوقعة للديكتاتورية والقمع وقمع حرىة الرأى والتعبير وسط إعلام تعبوي دعائى شمولي مضلل بعد أن تم تأميم الصحافة وتكميمها.

< <<

ولست أبالغ بقدر إقرار حقيقة واضحة إذا رأيت مثل كثيرين أن ثورة 23 يوليو قد انتهت فعليا بهزيمة يونيو 1967 ولم يبق منها إلا الهزيمة ذاتها، وبرحيل عبدالناصر عام 1970 وبعد مجىء السادات بثلاث سنوات فقد اختار وكان اختياره ضروريا وسياسيا أن يحكم مصر مستندا إلى شرعية حكم أخرى غير شرعية يوليو وهى شرعية نصر أكتوبر 1973 الذى أزال الهزيمة وأعاد الأرض، وهى ذات الشرعية التي حكم بها حسني مبارك.

> > >

رغم أنى من مواليد ما بعد يوليو 1952 بعام واحد، وظللت لسنوات عديدة من مؤيديها بشدة، فقد نشأت وعشت شعاراتها وأغانيها الوطنية وأحلامها وأوهامها.. مشدوها بكتابات هيكل عراب يوليو ونظامها ورئيسها، إلا أننى وجدتنى وبعد سنوات مضت وبعد نضج سياسي لا مفر من الاعتراف به.. أُجرى مراجعة موضوعية في ضوء كل ما كان وكل ما جرى وانتهيت إلى نتيجة واحدة وهى سحب تأييدى ليوليو ولعبدالناصر رغم تقديرى لدوافعه واجتهاداته الوطنية التي لاشك فيها والتى لا تغفرها ديكتاتوريته وقمعه للحريات.. السياسية والحزبية وأيضاً حرية الرأى والتعبير.

< < <

ومع أن ثورة يوليو وفقا لقواعد وعلوم السياسة انقلاب عسكرى ثم لقي تأييدا شعبيا لاحقا وجرى تسميته ثورة بعد ذلك وإن لم أكن مخطئا وحسبما أتذكر فإن صاحب هذه التسمية كان إحسان عبدالقدوس إذ لم يكن محمد حسنين هيكل قد بدأ في صك تعبيراته الملتوية في وصف وتسمية الأحداث علي غرار النكسة بدلا من الهزيمة.

.. ومع استمرار الجدل حول يوليو 1952 فإن يوم 23 يوليو يبقي حدثاً مهماً في تاريخ مصر الحديث من غير الممكن تجاهله رغم مرور 65 سنة وحتى لو صار الاحتفال به احتفالا فلكلوريا بعد أن بات ذلك الحدث في ذمة التاريخ.

مصر للطيران
بنك الاسكان
NBE