الأموال
الخميس، 25 أبريل 2024 01:17 مـ
  • hdb
16 شوال 1445
25 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

أسامة أيوب يكتب: وزارة البيئة.. والضوضاء.. وراحة المصريين

الأموال

 

هذه الحالة من الاحتقان والتوتر العصبي والغضب السريع التى باتت السمة السائدة في السنوات الأخيرة بين المصريين بوجه عام وبين سكان العاصمة القاهرة ومحافظة الجيزة بوجه خاص. هذه الحالة فسرتها وزارة البيئة مؤخرًا وحددت أسبابها عندما حددت ستة إجراءات.. طالبت الحكومة بتنفيذها لتحقيق ما وصفتها بـ«راحة المواطنين».

لكن هل تنفيذ تلك المطالب الستة وحدها كاف لتحقيق راحة المواطنين، بل هل تتحقق تلك المطالب؟

لائحة الإجراءات الستة التى أعدتها وزارة البيئة وطالبت محافظتى القاهرة والجيزة بتنفيذها.. تتضمن في مقدمتها: إغلاق المحال وكافة الأنشطة التجارية في المناطق السكنية في الساعة العاشرة مساءً، ثم نقل مواقف سيارات الأجرة لأماكن مناسبة بعيدًا عن الشوارع الرئيسية، وثالثاً: منع مرور سيارات النقل داخل المدن إلا في أوقات محددة وفي غير أوقات الذروة.

أما المطلب الرابع فهو إزالة كافة الإشغالات الموجودة بالطرق والمحاور الرئيسية والجانبية سواء من باعة جائلين أو «أكشاك» أو «مقاهى» غير مرخصة مع إيجاد أماكن مخصصة لها بعيدًا عن أماكن الاختناقات المرورية.

بينما كان المطلب الخامس هو إعادة تخطيط المرور بالمناطق التي تعاني من الاختناقات المرورية واستخدام الوسائل التكنولوجية لتوجيه حركة المرور، وأخيرًا تضمن المطلب السادس ضرورة تشديد العقوبات على المخالفات المرورية التى تتسبب في إعاقة السير بالطرق ومنع استخدام آلات التنبيه في محيط المناطق الحساسة للضوضاء والتى تضم المستشفيات والمؤسسات التعليمية.

< < <

واقع الأمر.. فإن هذه المطالب الستة لوزارة البيئة ليست جديدة وليست اختراعاً توصلت إليه الوزارة المعنية بالحفاظ على سلامة البيئة وحمايتها من الضوضاء التى تمثل تلوثاً سمعياً بل حمايتها من كل أنواع التلوث.. البصرى والصحى علي حد سواء.

> > >

إن معدلات الضوضاء التي بلغت ذروتها تكاد تصيب المصريين بالصمم وفقدان حاسة السمع بعد أن أصابتهم بارتفاع ضغط الدم والتوتر العصبي حسبما يتبدى في سلوكيات المصريين وخاصة سكان العاصمة.. في الشارع وفي الأسواق وأثناء قيادة السيارات بل داخل بيوتهم وداخل غرف نومهم أيضاً.

< < <

ولأنه من المعلوم وفقاً للمعايير الدولية أن هناك حدا أقصى مسموحاً به للضوضاء لا يجوز تجاوزه، لذا فإن قياس معدل الضوضاء داخل القاهرة والجيزة والمعروف باسم «ديسيبل» يتأكد أنه يفوق المعايير الدولية المسموح بها، وهو الأمر الذى استدعى تدخل وزارة البيئة، وهو التدخل الذى جاء متأخرًا جدًا، خاصة بعد أن بات واضحاً أن الحياة الآدمية المتحضّرة لم تُعد متوفرة علي الإطلاق وعلى النحو الذى لا يتيح للمصريين أداء أعمالهم بالدقة والإتقان اللازمين.. بعد أن فقدوا «الراحة» التي تستهدف وزارة البيئة تحقيقها.

ولعله من المعلوم أيضاً فإن ارتفاع معدلات الضوضاء والتلوث السمعى في أى مجتمع يُعد مؤشرًا حقيقياً علي تخلف هذا المجتمع وتدنى صحته الذهنية والنفسية بل تدنى حالته الصحية بوجه عام.

< < <

وإذا كانت وزارة البيئة قد تنبهت مؤخرًا إلى ذلك الخطر الداهم المحدق بالمصريين خاصة فى محافظتى القاهرة والجيزة الناتج عن ارتفاع معدلات الضوضاء ارتفاعاً مخيفاً، فإن أغلب الظن أن مطالبها لن تتحقق إذ إن المسئولين لن يمكنهم في ضوء التراخى الحكومى وتردى الأداء خاصة في المحليات من اتخاذ الإجراءات وتنفيذها لتحقيق مطالب وزارة البيئة،  وهى الإجراءات التي تتطلب الكثير من الحسم والحزم والصرامة في مواجهة المخالفين وفي مواجهة ثقافة التحايل علي القانون والالتفاف علي الإجراءات واختراقها.

< < <

وفي نفس الوقت فقد غاب عن وزارة البيئة بل إنها تغافلت عن بقية الاعتداءات الجسيمة على البيئة ومن بينها تلال القمامة التى ترتفع في شوارع وميادين القاهرة والجيزة بل في كل محافظات ومدن مصر.. في مظهر غير حضارى وغير لائق وغير صحى، حيث صارت القمامة المتراكمة سبباً في نقل ونشر الأمراض، وهو الأمر الذى كان يتعين أن تنتبه إليه وزارة البيئة بحيث تتضمنه لائحة مطالبها من محافظتى القاهرة والجيزة بهدف «راحة المواطنين».

< < <

وفي هذا السياق فإنه من المفارقات المثيرة أن يتزامن إنشاء وزارة مسئولة عن البيئة قبل عدة سنوات مع تزايد التلوث البيئى.. السمعى والبصرى والصحى وحيث صارت أوضاع البيئة فى مصر فى أسوأ حالاتها، وهى مفارقة تعكس فشل هذه الوزارة في أداء مهمتها بقدر ما تشير إلي اقتران فساد البيئة وتلوثها بإنشاء هذه الوزارة!

<<< 

إن الأمر جد خطير مع استمرار تدهور أوضاع البيئة فى مصر، ولعل نظرة فاحصة لوجوه المصريين العابثة المكفهرة مع الرصد الدقيق لسلوكياتهم المتوترة الغاضبة الحزينة المحتقنة.. يتأكد خطر التلوث البيئى وهو الخطر الذى يستوجب إزالة أسبابه.. ليس من حيث الضوضاء والتلوث السمعى فقط ولكن أيضاً من حيث النظافة في الشوارع.. وصولاً إلي الهدف الذى حددته وزارة البيئة وهو تحقيق «راحة المواطنين».

< < <

إن الأمر جد خطير.. حتى لا يتحول القبح إلي أمر واقع يعتاده المصريون.. وذلك الخطر الأكبر من خطر الضوضاء والتلوث وإقلاق «راحة المصريين».

 

مصر للطيران

آخر الأخبار

بنك الاسكان
NBE