حسين عثمان يكتب : أين إدارة الموارد البشرية؟!
مع كل تشكيل أو تعديل وزاري، أنتظر أن تضع الدولة أو الحكومة نصب أعينها، التأسيس لمفاهيم إدارة الموارد البشرية، وأستبشر خيراً أنه حتماً قد آن أوانها، ونحن نعيد بناء الدولة المصرية، ومعها نعمل على إعادة صياغة الشخصية المصرية، ولكن بكل أسف، يخيب ظني في كل مرة، وآخرها كان التعديل الوزاري الأخير الذي جرى الأسبوع الماضي!!.. وقبل أن تعقب بأن هناك بالفعل وزارة مختصة بالقوى العاملة، أنبهك بأنها مجرد نمط تقليدي بعيد عما نعنيه من مفاهيم حديثة، وإذا عدت فأكدت بأن قانون الخدمة المدنية الجديد يؤسس لمفاهيم إدارة الموارد البشرية، أوافقك، ولكن مع التأكيد على أنها مجهودات لن تكون سوى حرثاً في الماء، طالما عهدنا بتطبيقه لهؤلاء الذين لا يعلمون من أمر هذه المفاهيم شيئاً.
إدارة الموارد البشرية أصبحت من العلوم المتجددة كل يوم وآخر، وهي في مجموعها تعمل على تصميم مجموعة من الأنظمة والبرامج والسياسات، لإدارة رأس المال البشري، بما يسمح بتعزيز مساهمات الأفراد الفردية والجماعية، نحو نجاح المؤسسة في تحقيق أهدافها القريبة والبعيدة المدى على حد سواء، ومفهوم المؤسسة هنا يسري على الدولة نفسها، ومعها كل ما تحتويه من كيانات رسمية، وفي القلب منها أجهزتها التنفيذية، وأهم ما جاء به علم إدارة الموارد البشرية، أنه قد غير النظرة للبشر فاعتبرهم ثروة، يجب الحفاظ عليها، والاستثمار فيها، لتعظيم الاستفادة من قدراتها، بما يحقق مصالح جميع الأطراف، في جودة الحياة داخل مجتمع متطور، آمن ومستقر.
جميع تحديات الدولة المصرية، يمكن أن تلعب تطبيقات إدارة الموارد البشرية، دوراً فعالاً في اجتيازها بنجاح، بداية من تشكيل حكومتها أو إجراء تعديلات وزارية عليها، ونهاية بتطوير أداء مؤسسات الدولة والعاملين بها، ومروراً بإدارة تدفق العمل اليومي، وقياس قدرات الأفراد وكيفية الاستفادة منها، واكتشاف المواهب وتوجيهها، وتفعيل التواصل الإيجابي بين الأفراد والمؤسسات، وتهيئة بيئة العمل بما يرفع من إنتاجية الأفراد، وأيضاً المساهمة في وضع أنظمة الرقابة والمحاسبة، وعلى قدر ما شكلت الدولة من مجالس قومية متخصصة العامين الماضيين، لا يوجد من بينها مجلس قومي لإدارة الموارد البشرية، وعلى قدر ما يوجد من وزارات، لا توجد وزارة لإدارة الموارد البشرية، ولم يفكر أحد حتى في تطوير وزارة القوى العاملة لتقوم بهذا الدور، وفي ذات الوقت تسابق الدولة الزمن بمشروعاتها القومية هنا وهناك، انتبهوا أيها السادة، الاستثمار في البشر أهم من الاستثمار في الحجر.
