شريف عبدالفهيم يكتب: آخر فكرة العنقاء
العنقاء طائر خرافي يصل في حجمه إلى عمارة مكونة من أحد عشر دوراً يبني عشه فوق الجبال وكانت بداية ذكره في كتاب ألف ليلة وليلة، في قصص السندباد، وقد اعتبره العرب ثاني المستحيلات الثلاثة التي لا توجد على الأرض بعد الغول.
وقد كتبنا العدد الماضي عن غول هذا الزمان المسمى بالغلاء الذي التهم كل شيء أمامه سواء الأعنياء أو الفقراء.
أما عنقاء هذا الزمان فهو كل من استغل احتياج الناس وضعفهم وصادر على حقوقهم في الحياة الكريمة واستغل نقاط ضعفهم ليتربح ويحيا فوق القمة لينظر إلى الناس من علياء ثم ينقض عليهم ليروى ظمأه وشهوته ويملأ معدته من دمائهم دون رأفة أو رحمة.
عنقاء هذا الزمان لم يعد من المستحيلات، فهو موجود بيننا وبشكل أفظع مما صورته الروايات، وبدلاً من أن يكون له منقار ومخالب ينهش بها ضحاياه تحولت إلى أنياب يمتص بها دماء الغلابة.
عنقاء هذا الزمان هم هؤلاء التجار الذين استغلوا الأزمة الاقصادية التي تمر بها البلاد للإثراء على حساب الغلابة، أفوا السلع كي يعطشوا السوق ثم يطرحوها بأضعاف أسعارها، اكتالوا على الناس فطففوا الميزان بكل وسيلة كي ينالوا أكثر من حقوقهم بكثير، تسابقوا في رفع الأسعار في كل لحظة لدرجة أن سيدة دخلت السوق فسألت على صنف من أصناف الخضروات فقال لها البائع أن الكيلو بعشرة جنيهات، فقالت له أن يزن لها 2 كيلو لحين رجوعها من جولتها وعندما عادت لتأخذ البضاعة وتدفع الثمن أخبرها البائع ان الثمن زاد ليصبح 14 جنيهاً للكيلو، مع العلم أن جولتها تلك كانت لمدة 45 دقيقة فقط وعندما سألت عن سبب ارتفاع السعر لما يقرب النصف في أقل من ساعة جاءتها الإجابة بأن المورد رفع سعر البضاعة الجديدة وأنه لن يبيع بالخسارة.
ما نحن فيه من الزيادات الرهيبة في الأسعار كل لحظة ناتج عن غياب الرقابة بكل أنواعها الداخلية المتمثلة في الضمير والدين في نفوس العباد، والخارجية المتمثلة في ضعف الرقابة على السلع والتجار من قبل وزارة التموين.
فهل سنظل نترك المواطن فريسة للغول والعنقاء.
