الأموال
السبت، 27 أبريل 2024 03:33 صـ
  • hdb
18 شوال 1445
27 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

أسواق وريادة أعمال

الزلزال السياسى الذى ضرب أمريكا وحطم كل التوقعات

الأموال
  • لماذا فاز ترامب وانهزمت هيلارى؟

دونالد ترامب.. رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية.. مفاجأة من العيار الثقيل حققها المرشح الجمهورى القادم من خارج الدائرة السياسية الأمريكية بهذا الفوز الساحق الصارم الذى أحرزه فجر الأربعاء الماضى على منافسته هيلارى كلينتون مرشحة الحزب الديمقراطى السياسية المخضرمة.. ابنة الدولة العميقة.. ابنة المؤسسة التى كانت كل استطلاعات الرأى تؤكد أنها الرئيسة القادمة والتى راهن أغلب السياسيين داخل وخارج أمريكا على فوزها بما في ذلك حزب منافسها الجمهورى ذاته.

أما وقد وقعت الواقعة وحدثت المفاجأة التى أسقطت كل الرهانات على فوز هيلارى، فإن السؤال الذى كشفت نتيجة الانتخابات عن إجابته هو: لماذا فاز ترامب وانهزمت هيلارى؟

الإجابة التي كانت غائبة عن كل المحللين السياسيين داخل أمريكا وخارجها وعن هيلارى وحزبها الديمقراطى بل حتى عن الحزب الجمهورى ذاته. هى أن ترامب نجح بامتياز في حشد الأمريكيين البيض «الأنجلوساكسون» ضد الهجرة والمهاجرين والأقليات العرقية من السود والملونين والمسلمين المتطرفين حتى يظل الأمريكيون الأصليون الذين تبلغ نسبتهم 70٪ من الشعب الأمريكى هم أصحاب البلد وأصحاب القرار فيه.

فى مقابل هذا التوجه العنصرى فى خطاب ترامب الانتخابى جاء خطاب هيلارى السياسى العاطفى تجاه الأقليات والمهاجرين والتى حسبت أنه يضمن لها الاستحواذ على أصواتها فى إهمال واضح لكثير من أصوات الأمريكيين البيض وهو ما تسبب بقدر كبير وعلى العكس من رهانها فى خسارتها.

فى نفس الوقت فقد نجح ترامب فى دغدغة مشاعر المهمشين والطبقة العاملة وغير المتعلمين تعليماً عالياً بخطابه الانتخابى الشعبوى الذى كان رسالة لهؤلاء الناخبين الذين يمثلون شريحة كبيرة من الأمريكيين.. لها ما لها من دلالات، بينما ركزت هيلارى فى حملتها الانتخابية على النخبة السياسية والإعلامية الثقافية وذوى المؤهلات العلمية العليا وأغفلت فى المقابل مخاطبة تلك الطبقات التى خاطبها ترامب باللغة التى تفهمها وتتفهمها.

لقد انشغل المحللون السياسيون.. الأمريكيون منهم قبل غيرهم خارج أمريكا بتسفيه آراء ترامب ووصفه بالجنون وانعدام الأهلية لتولى منصب الرئيس، ثم بانتقاد عنيف وساخر في نفس الوقت للغة خطابه الشعبوى المتدنى غير السياسى باعتبار أن خبرته السياسية صفر، بينما كشفت مفاجأة نتيجة الانتخابات عن أن خطابه الشعبوى العنيف ضد ما وصفها بالطبقة السياسية الفاسدة وكذلك خطابه العنصرى.. كانا «الخلطة السرية» لحملته الانتخابية التى لم ينتبه إليها السياسيون ومعهم هيلارى وحملتها والتي حققت له هذا الفوز الساحق غير المتوقع.

لقد بدّدت نتيجة الانتخابات كل الانتقادات التى واجهها ترامب خلال حملته باعتباره شخصاً عنيفا عصبيا يفتقد للياقة هبط على المشهد السياسى فجأة دون أن تكون لديه أى خبرة سياسية، إذ إنه بهذه الأوصاف وعلى العكس تماما مما استهدفته الانتقادات.. تلامس مع مشاعر غالبية الشعب الأمريكى والذين صوتوا له وأوصلوه إلى البيت الأبيض وفى مقدمتهم الطبقات العاملة الذين لا يعنيهم كثيرا خبرته السياسية بقدر ما يعنيهم تحسين أحوالهم المعيشية والذين رأوا فيه تغييرا كبيرا فى الدائرة السياسية النخبوية المتحكمة فى إدارة أمريكا وهو التغيير الذى استشرفوه بانتخابه.

والذى لم ينتبه إليه المحللون السياسيون أنه رغم افتقاده للخبرة السياسية كانت له آراؤه وانتقاداته العنيفة لإدارة الرئيس أوباما ومنافسته هيلارى التى شغلت منصب وزير الخارجية لأربع سنوات خاصة فيما يتعلق بالسياسة الخارجية التى أسفرت عن توقيع الاتفاق النووى مع إيران وعلى النحو الذى يخل بتوازنات القوي فى الشرق الأوسط والذى شهد تدهورا سياسيا وأمنيا فى كل من سوريا والعراق وليبيا وتنامياً لجماعات المتطرفين وهى الانتقادات التي لقيت ترحيبا من غالبية الأمريكيين.

ثمة أسباب أخرى وراء فوز ترامب الساحق غير المتوقع على الإطلاق في مقدمتها ما يمكن وصفه بالتصويت الانتقامى ليس ضد إدارة أوباما بأثر رجعى والمرشحة الديمقراطية ووزيرة خارجيته السابقة فحسب وإنما أيضاً ضد النخبة السياسية بوجه عام والتى تطالها اتهامات بالفساد والكذب ومن ثم فقد صوتت الغالبية العظمى للتغيير وإلى درجة انتخاب رجل أعمال من خارج الدائرة السياسية ليدخل البيت الأبيض.. رئيسا للولايات المتحدة..

الآن يمكننا أن نتفهّم لماذا كان ترامب يتهم هيلارى بالكذب وإدارة أوباما والطبقة السياسية بوجه عام بالفساد وهى الاتهامات التى صادق عليها وصدّقها الناخبون، بل يمكننا أيضا أن نصدّق ونتفهّم سخريته من نتائج استطلاعات الرأى التي تتحكم فيها المؤسسة السياسية والتى خدعت الجميع في داخل أمريكا وخارجها ولكنها لم تخدع الناخب الأمريكى وصدق ترامب بوصفها بالكاذبة.

بمفرده وبجهد شخصى وبخبرته الشعبوية وربما بثرائه الكبير أيضا.. حطم ترامب كل الفطريات السياسية والمعايير الانتخابية الأمريكية وأحرز هذا الفوز الساحق رغم وقوف الإعلام والساسة ونجوم السينما والغناء ضده، بل حتى بعد أن تخلي عنه حزبه في سابقة هى الأولى من نوعها فى التاريخ السياسى الأمريكى وإلى درجة أن الرئيس الأسبق بوش «الجمهورى» لم يصوّت لصالحه وترك ورقته الانتخابية بيضاء! ومع ذلك فقد بدا أن الحظ حليفه بعد نتائج الانتخابات التكميلية للكونجرس والتى أسفرت عن استحواذ الحزب الجمهورى على غالبية مقاعد مجلسى النواب والشيوخ وهى سابقة غير معهودة فى تشكيلة الكونجرس وهو الأمر الذى من شأنه تسهيل مهمته خلال ولايته الرئاسية التي تبدأ يوم العشرين من شهر يناير المقبل.

فوز ترامب الساحق والمفاجئ وهزيمة هيلارى المخزية وغير المتوقعة.. زلزال ضرب أمريكا وحطم كل التوقعات.. وهو زلزال سيكون له بالضرورة توابعه التي يترقبها العالم خاصة في روسيا وأوروبا والشرق الأوسط بل تترقبها أمريكا ذاتها.

مصر للطيران

آخر الأخبار

بنك الاسكان
NBE