الأموال
الجمعة، 19 أبريل 2024 08:10 مـ
  • hdb
10 شوال 1445
19 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

د. محمد فراج يكتب .. مونديال ”روسيا 2018” بين الرياضة والسياسة والاقتصاد

الأموال

الشعبية الهائلة التي تتمتع بها كرة القدم في كل أنحاء العالم تجعل من المونديال الحدث الرياضى الأبرز، الذى يشد اهتمام مليارات من البشر فى مختلف أنحاء العالم، ولا نبالغ بحديثنا عن المليارات إذ يتوقع منظمو مونديال روسيا 2018 ومصادر الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا fifa« أن يتابع مباريات التصفيات النهائية لكأس العالم التى تبدأ فى موسكو يوم 14 يونيو الجارى أكثر من ثلاثة مليارات مشاهد..

وبالنسبة لنا في مصر فإن دخول فريقنا القومى إلى التصفيات النهائية للمرة الأولى منذ (28 عاما) سيضاعف الاهتمام التقليدى بمتابعة المونديال، خاصة أن منتخبنا القومى يضم لاعبا مثل محمد صلاح الذى حقق مستوى عالميا بارزا خلال السنة الأخيرة بالذات، مما يجعل الآمال تنتعش فى أننا سنحقق شيئا أكثر من »التمثيل المشرف« الذى اكتفينا به فى مونديال 1990، خاصة بعد أن أصبح فى حكم المؤكد أن »صلاح« يتماثل للشفاء من إصابته التى أثارت قلقا شديدًا بين جماهير كرة القدم، خشية عدم تمكنه من المشاركة فى مباريات المونديال.

ونظرًا للأهمية الجماهيرية الهائلة التى تحظى بها التصفيات النهائية لكأس العالم لكرة القدم فإن الدول تتسابق للحصول على شرف تنظيم المونديال لأسباب سياسية ومعنوية قبل كل شىء، ثم لأسباب اقتصادية تتفاوت أهميتها من بلد لآخر حسب أوضاع اقتصاده.. كما أصبح تنظيم المونديال فى السنوات الأخيرة موضوعًا لصراعات سياسية ذات طابع دولى، ومحاولات لحرمان »الخصوم« من شرف تنظيمه.

فتنظيم المونديال فرصة للبلد المنظم لإظهار إمكاناته الرياضية والاقتصادية والسياحية والثقافية، ومستوى حضارة شعبه، ومختلف المزايا المعنوية والمادية التى يتمتع بها، كما أن أعين العالم كله تكون مشدودة إلى هذا البلد منذ أسابيع قبل بدء المسابقة، وبصورة أخص منذ مباراة الافتتاح حتى المباراة النهائية.

ويسافر مئات الآلاف أو حتى الملايين عن المشجعين خلف منتخبات بلادهم إلى البلد الذى تجرى فيه التصفيات.. ويهتمون بأن يتعلموا كلمات من لغته، ويعرفوا شيئًا عن جغرافيته وحضارته وآثاره ومناخه.. إلخ.. الأمر الذى يجعل ذلك البلد يبدو فى صورة أكثر إنسانية »وواقعية« فى أعين العالم.

أما من الناحية الاقتصادية فإن البلد المنظم يجنى عادة أرباحًا جيدة من الرواج السياحى المصاحب للمونديال، ومن عائد ريع التذاكر، وعائدات البث التليفزيونى للمباريات، وما تدفعه الشركات الكبرى الراعية للمونديال، وبيع الهدايا التذكارية للسائحين، وغير ذلك من مصادر الدخل.

وقد أنفقت روسيا 13.2 مليار يورو فى صورة استثمارات لبناء وتجديد 12 ملعبًا للكرة في 11 مدينة بدءا من تجديد استاد »لوجينكى« الكبير فى العاصمة موسكو إلى مدينة كاليننجراد في أقصى غرب البلاد، وسوتشى على شاطئ البحر الأسود، ديكاتيرينبورج فى منطقة الأورال فى أقصى شرق الجزء الأوروبى من روسيا.. فضلا عن العاصمة الثانية سان بطرسبورج على بحر البلطيق، ومدن أخرى فى المناطق الوسطى من روسيا »مساحة البلاد أكثر من 17 مليون كم2.. ومساحة الجزء الأوروبى منها أكثر من 5 ملايين كم2 تمثل نصف مساحة القارة الأوروبية كلها«.

ويدخل ضمن هذه النفقات تجديد البنية التحتية للنقل بما في ذلك المطارات والطرق والسكك الحديدية المتصلة بمواقع إجراء المباريات كما يدخل ضمنها الاستثمارات فى بناء 27 فندقا فى المدن التي تستضيف المباريات.

أما العائد المتوقع أن تجنيه روسيا من البطولة فيبلغ حوالى 24 مليار دولار.. تحديدًا (23.89 مليار دولار) حسب موقع (ru.investing) الروسى وذلك من عائدات بيع التذاكر والبث التليفزيونى والسياحة، وبيع العلامات التجارية والتذكارات.. إلخ.

وهكذا فإن روسيا تحقق مكاسب مباشرة تقترب من 11 مليار دولار من تنظيمها للمونديال.. وبديهى أن إنشاءات وتحديث الملاعب والبنية التحتية، والفنادق الجديدة.. إلخ تظل هى الأخرى مكسبا صافيا للبلاد.

ويعتبر الخبراء أن تكلفة مونديال روسيا 2018 هى الأعلى في تاريخ التصفيات النهائية لكأس العالم.. إلا أن المكاسب هى الأخرى تظل الأكبر.

غير أن المكاسب السياسية والمعنوية من تنظيم روسيا للبطولة تظل الأمر الأكثر أهمية، ولذلك فقد شهدت السنوات الماضية حربًا دبلوماسية وإعلامية غربية لا تهدأ ضد روسيا منذ أن بدأ السباق للفوز بفرصة تنظيم المونديال.. وبعد أن فازت موسكو فى هذا السباق حاول الإعلام الغربى ــ وخاصة الأمريكى والبريطانى ــ الغمز من قناة روسيا واتهامها بتقديم الرشاوى للفوز بتنظيم المونديال، ووضعها فى صحبة غير مشرفة مع قطر »منظمة مونديال 2022 ــ حتى الآن« وصاحبة السجل السيئ المعروف فى تقديم الرشاوى للفوز بالمقاعد فى المنظمات الدولية، ومنها مثلا رئاسة الاتحاد الآسيوى لكرة القدم، وفي شراء وتجنيس اللاعبين الأجانب للعب باسم قطر.. إلخ..

كما حاولت أمريكا بالذات الزج بروسيا في فضيحة الفساد الكبرى في الاتحاد الدولى لكرة القدم 2016.. والتي تم فى سياقها الإطاحة برئيس »الفيفا« السابق جوزيف سيب بلاتر، ورئيس الاتحاد الأوروبى ميشيل بلاتينى وعدد من كبار قيادات الاتحاد الدولى.. لكن التحقيقات أظهرت براءة موسكو من أي علاقة بهذه الفضيحة.. ومن ناحية أخرى فإن المشروع الضخم والطموح لتنظيم البطولة، والإنفاق السخى على هذا المشروع والنجاح البارز في تنفيذه، كلها أمور عزَّزت موقف روسيا، وجعلت رئيس »الفيفا« جيانى إنفانتينو يُشيد بحرارة بمستوى التجهيزات والاستعداد التنظيمى للبطولة.

كما حاولت بريطانيا الزج بموضوع مونديال روسيا فى قضية تسميم الجاسوس المزدوج »سكريبال«.. وتحدث وزير الخارجية البريطانى عن مقاطعة المونديال عمومًا، لكن الأمر انتهى عند المقاطعة الرسمية للبطولة، أى عدم حضور شخصيات رسمية بريطانية للبطولة ومراسمها.. إلخ دون مساس بمشاركة منتخب انجلترا.

وهكذا تمضى الأمور إلى افتتاح الرئيس الروسي للمونديال يوم الجمعة القادم »14 يونيو« من منصة استاد »لوجينكى« الكبير في موسكو، وستكون مباراة الافتتاح بين منتخب روسيا والسعودية.

والواقع أن نجاح البطولة سيكون مكسبًا سياسيًا كبيرًا لروسيا التى تواجه حملة كراهية غربية واسعة.. سياسية وإعلامية ضدها فى السنوات الأخيرة، تهدف إلى عزلها سياسيًا واقتصاديًا وإعلاميًا..

وإذا كانت تلك الحملة لم تحقق النجاح الذى ينشده الغرب حتى الآن، فإن نجاح المونديال سيكون انتصارًا سياسيًا ومعنويًا هامًا لروسيا ولبوتين شخصيًا.

ويبقى التحدى الحقيقى الذى يواجه مونديال (روسيا ـ 18) هو تحدى الإرهاب، فالمعروف أن داعش والنصرة (القاعدة) وغيرهما من المنظمات الإرهابية تعتبر روسيا عدوها رقم (1) وتجد فى التجمعات الجماهيرية الكبيرة المصاحبة للمباريات فرصة للقيام بعمليات إرهابية بهدف إفشال البطولة.. إلا أن السلطات الروسية أعلنت أنها اتخذت كل الإجراءات الأمنية الضرورية لتأمين البطولة.. وندعو الله أن يحمى الأرواح البريئة.. وألا يحدث شىء يُعكر صفو وفرحة المليارات من عشاق كرة القدم في مختلف أنحاء العالم.

كما ندعو لمنتخبنا القومى بتحقيق نتائج تليق باسم مصر.

ونتمنى أن يجد المسئولون طريقة لنقل المباريات للجمهور المصرى على قنوات غير مشفرة، حتى يستطيع متابعة مباريات منتخبنا، والاستمتاع بالمستوى الفنى الرفيع الذى تتسم به مباريات كأس العالم.

وكل عام وأنتم بخير..

مصر للطيران
الاهلى الزمالك

آخر الأخبار

بنك الاسكان
NBE