الأموال
الخميس، 25 أبريل 2024 11:50 مـ
  • hdb
16 شوال 1445
25 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

أسامة أيوب يكتب : السباق الفضائى لاحتلال القمر.. توقعات وخواطر وذكريات

الأموال

 

بعد توقف دام عقودًا لرحلات المركبات الفضائية.. الروسية والأمريكية والهبوط فوق القمر.. القمر الوحيد لكوكبنا الأرضى.. جاء اعتزام الدولتين العظميين المتزامن تنفيذ برامج زمنية لإطلاق صواريخ ومركبات وأجهزة إنزال فوق القمر خلال السنوات المقبلة بداية من عام 2021 وحتى عام 2035.. جاء إعلانًا ببدء سباق فضائى جديد ومحموم.

الجديد في السباق الفضائى هذه المرة هو ارتفاع سقف الطموح العلمي لدى الدولتين بفعل التقدم التكنولوجى الهائل والمروع وبحكم تراكم الخبرات السابقة في علوم الفضاء، إذ إن الرحلات الفضائية السابقة ورغم ما أحدثته من إنجاز خارق أبهر البشرية باختراق الفضاء والخروج من الجاذبية الأرضية إلى آفاق السماء العليا.. لم تكن سوى خطوة قصيرة للاقتراب من تحقيق حلم سكان الكوكب الذى رَاود العلماء كثيرًا منذ اختراع الطائرة.. وهى الخطوة التي بدأها »جاجارين« رائد الفضاء الروسى بالدوران حول الأرض، ثم تلتها الخطوة الأمريكية بالهبوط فوق سطح القمر.

< < <

السباق الفضائى الجديد والطموح يستهدف ما هو أكثر من مجرد النزول فوق القمر والسير خطوات فوق سطحه وجمع بعض صخوره، بل يستهدف احتلال القمر ذاته وإقامة قواعد ثابتة وبقاء آدميين فوقه واستخراج ما يحتويه باطنه من ثروات معدنية هائلة وتصديرها للأرض.

ولاشك أن التسابق بين أمريكا وروسيا سوف يكون من شأنه إشعال الصراع والحروب فوقه، ولذا فإنه بقدر ما يثيره هذا السباق من خيال علمي سوف تترقب شعوب الأرض تحوّله إلى حقيقة واقعة، بقدر ما يمكن للخيال الإنسانى أن يصل إلى درجة نشوب حرب عالمية فوق القمر بسبب الصراع على ثرواته الهائلة.

< < <

وفي هذا السياق التخيلى يمكن توقع انتقال الصراعات والحروب الدائرة فوق كوكب الأرض.. عسكريًا واقتصاديًا إلى القمر، وتتابع الشعوب تطوراته عبر أقمار صناعية على شاشات الفضائيات القمرية والتي من المؤكد أنها ستكون أكثر تطورًا من الفضائيات الأرضية الحالية

< < <

هذا السباق الفضائى الجديد يستدعى الكثير من الخواطر ويعيد  إلى الأذهان بدايته الأولى فى ستينيات القرن الماضى حين فاجأت روسيا (الاتحاد السوفيتى السابق) العالم بإرسال أول مركبة فضائية اخترقت الجاذبية الأرضية ودارت حول الأرض وعلى متنها »جاجارين« الذى دخل التاريخ الكوني باعتباره أول رائد فضاء.

كان ذلك حدثاً مذهلا اهتز له العالم، ومما يُذكر أنه نُسب إلى »جاجارين« وهو مُلحد أنه قال إنه نظر في السماء وهو يدور حول الأرض والتي بدت نقطة صغيرة في الفضاء فلم يرّ الله، والمفارقة المثيرة أن »جاجارين« لقى حتفه في حادث سقوط طائرة صغيرة كان يقودها!

< < <

ذلك السبق والتفوق الروسي أحدث زلزالا مدويًا داخل الولايات المتحدة وأصابها بصدمة علمية تكنولوجية موجعة، وعلى النحو الذى دفع الرئيس الأمريكى وقتها أن يقول قولته الشهيرة »نحن أمة في خطر« وبعدها أعادت أمريكا النظر في مناهجها الدراسية العلمية والرياضية باعتبار أنها متخلفة عن المناهج الروسية.

< < <

كانت الصدمة التي تلقتها الولايات المتحدة دافعًا كبيرًا لمواجهة التفوق الروسى (السوفيتى) وهو ما حدث بالفعل حين أطلقت أول مركبة فضائية (أبوللو) هبطت فوق القمر ونزل منها رائد الفضاء (أرمسترونج) وسار خطوات فوق سطحه وجمع بعض صخوره وشاهده العالم عبر شاشات التليفزيون وهو يزرع علم أمريكا هناك ثم عادت المركبة إلى الأرض.

< < <

بهذه الرحلة الفضائية استعادت أمريكا ما فاتها وحققت تفوقًا على روسيا التي بدورها شككت في هبوط المركبة الأمريكية فوق القمر متعللة في ذلك بأن العلم الأمريكى كان يرفرف في الصور التي شاهدها العالم وهو ما لا يمكن حدوثه باعتبار أنه لا يوجد هواء فوق القمر، ومن ثم فقد روجت روسيا أن صور المركبة كانت في صحراء نيفادا!

< <<

ومما يُذكر أيضًا أن رائد الفضاء الأمريكى »أرمسترونج« وصف هبوطه بمركبته فوق القمر وسيره فوق سطحه بأنه »خطوة صغيرة لإنسان وقفزة كبيرة للبشرية« وكان ذلك وصفًا دقيقًا لهذا الإنجاز المذهل.

< < <

وفي نفس الوقت كان الخطأ الكبير الذى وقعت فيه جريدة الأهرام »أذكره جيدًا« أنها نشرت خبر هذا الحدث الكبير على ثلاثة أعمدة في صفحتها الأولى تحت عنوان »هبوط أول إنسان فوق كوكب القمر« ولم تنتبه إلى أن القمر ليس كوكبًا ولكنه قمر كوكب الأرض.

منذ تلك الخطوة الصغيرة لأول إنسان يسير فوق القمر والقفزة الكبيرة للبشرية.. توالت رحلات الفضاء الأمريكية والروسية والتي احترقت إحدى مركباتها الأمريكية بروادها بعد عودتها إلى الأرض حتى توقفت هذه الرحلات منذ عقود.

< < <

ومما يُذكر وتستدعيه الذاكرة الصحفية أن إحدى المركبات الأمريكية كان على متنها أمير سعودى أحسبه الأمير سلطان بن سلمان كأول إنسان عربي يذهب للفضاء، ووقتها تصدرت صورته غلاف مجلة الحوادث اللبنانية ومعها هذا العنوان المثير »لا تنفذون إلا بسلطان«.

أثار هذا العنوان المشتق من القرآن الكريم في انتزاع مخل من الآية الكريمة »يا مَعشر الجِنِّ والإنسِ إن استَطَعتُم أن تَنفُذُوا مِن أَقطَار السَّمَاوَات والأرضِ فَانفُذُوا لاَ تَنفُذُونَ إلاَّ بِسُلْطَانٍ«.. هذا العنوان المثير أثار ردود فعل متباينة بين الغضب والاستياء من جهة والإعجاب بفكرته التى عكست الإثارة الصحفية والذكاء المهنى في الصحافة اللبنانية بوجه عام.

< < <

ثمة خواطر كثيرة وتساؤلات عديدة يثيرها هذا السباق الفضائى المحموم والذى تشارك فيه الصين مؤخرًا وإن كان بدرجة أقل، وهى: هل سينجح الإنسان في الحياة خارج كوكب الأرض، وكيف ستكون مظاهر الحياة فوق القمر وفي كواكب أخرى في مجموعتنا الشمسية، والسؤال الأهم: هل يمكن أن يحدث تلاقٍ وتعايش بين البشر ومخلوقات أخرى في الفضاء؟

وفقًا للتفسير الدينى وبحسب ما جاء في القرآن الكريم في قوله تعالى: »ومن آيَاته خَلقُ السَّمَاوَاتِ والأرض وَمَا بَثَّ فِيهمَا مِن دَابَّةٍ وهو على جمعهم إذَا يَشَاءُ قَدِيرُ«.. فإن ذلك ممكن تحقيقه بالفعل في قادم السنين.. والله أعلم.

يبقى أخيرًا أن هذا السباق الفضائى لإقامة حياة بشرية فوق القمر والذى يقوده العقل البشري المتطور والذى يعكس مظهرًا من مظاهر الإعجاز الإلهى.. إنما يتسق مع قوله تعالى »سنُريهم آياتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِى أنْفُسِهم حتَّى يتبيَّنَ لهمْ أنَّهُ الْحقُّ«.

< < <

هذه السطور كانت استدعاءً لذكريات أولى خطوات الإنسان فى الفضاء الخارجى وخواطر إنسانية استدعتها خطوات السباق الفضائى الجديد وأحلام سكان الأرض لاحتلال القمر.

مصر للطيران
بنك الاسكان
NBE