الأموال
السبت، 20 أبريل 2024 05:30 صـ
  • hdb
11 شوال 1445
20 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

 أسامة أيوب يكتب : 26 ملياردير يمتلكون نصف ثروات العالم.. الدلالات والتداعيات

الأموال

هذا التقرير الذى أصدرته منظمة «أوكسفام» غير الحكومية الأسبوع الماضى.. متضمنًا أن ثروات 26 شخصا فقط من مليارديرات العالم تساوي إجمالى ما يمتلكه 3.8 مليار شخص من سكان الأرض.. يمثلون نصف البشرية فوق الكوكب.. هذا التقرير يشير إلى الواقع العالمى الكارثى بقدر ما ينطوى في حقيقة الأمر علي تحذير بالغ الأهمية للضمير الإنسانى العالمي وعلي النحو الذى يستوجب وقفة ضرورية عاجلة وحاسمة من جانب الحكومات.

المفارقة أن هذا التقرير الصادر عشية انعقاد منتدي دافوس الاقتصادي العالمى السنوى فى سويسرا والذى أفصح عن تلك الفجوة الشاسعة بين سكان العالم.. أكد واقع الخلل الجسيم والفادح في توزيع ثروات الشعوب بين ثراء فاحش وفقر مدقع.

< < <

واللافت في تلك الأرقام التى تضمنها التقرير الخطير هو أن نصف سكان الأرض والبالغ عددهم 3.8 مليار إنسان هم الأكثر فقرا، ومن ثم فإن امتلاك 26 مليارديرا لإجمالى ما يملكه كل هؤلاء البشر إنما يعكس بكل الوضوح بشاعة أحوالهم المعيشية بقدر ما يعكس غيبة العدالة الاجتماعية العالمية.

< < <

دلالات هذا الواقع الاقتصادى العالمي المزري بحسب ما تضمنه التقرير من أرقام حيث يُعد نصف البشرية الأكثر فقرًا.. تشير إلى أسباب اتساع الفجوة بين الأثرياء والفقراء بوجه عام فى هذا العالم ومن بينها أو في مقدمتها الاستبداد السياسى وغيبة الديمقراطية السياسية ومن ثم غيبة الديمقراطية الاجتماعية في كثير من بلدان العالم الثالث، وتلك هي البيئة التى يستفحل فيها الفساد الاقتصادى أيضًا ويستحوذ فيها الفاسدون والحكام والمقربون على ثروات الشعوب التي تعيش على فتات الثروة، بينما يتسبب تركيز الثروة في أيدى كبار الرأسماليين وأصحاب الشركات الكبري نتيجة للاحتقارات البغيضة للمقدرات الاقتصادية والمالية في البلدان الأخرى حتى لو كانت ديمقراطية في اتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء أيضًا.

< < <

غير أن السبب الأهم وراء اتساع الفجوة بين الأغنياء بوجه عام وحيث بلغت ذلك القدر الذى أشار إليه التقرير.. هو غيبة العدالة الضريبية بالقدر الذى يسهم في تقليل تلك الهوة وردم هذه الفجوة بحيث تحول بين أن يزداد الأثرياء ثراء ويزداد الفقراء فقرًا وحتى لا يصل الأمر إلي كارثة امتلاك 26 شخصا فقط ما يمتلكه نصف سكان العالم من الفقراء.

غيبة هذه العدالة الضريبية هى ما أشارت إليه منظمة أوكسفام في تقريرها الأخير باعتبارها أحد أسباب اتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء.

ثم إنه بصرف النظر عن الـ26 مليارديرا، فإن تقرير المنظمة الذى أوضح أن عدد أصحاب المليارات في العالم تضاعف منذ الأزمة العالمية في عام 2008، أكد فى نفس الوقت أن هؤلاء المليارديرات لا ينعمون بثروات متزايدة فحسب، بل إنهم ينعمون أيضا بنسب ضرائب هى الأدنى منذ عقود!

< < <

إن قراءة ذلك التقرير الخطير وما تضمنه من معلومات خطيرة أيضًا.. لاشك أنها تثير أوجاع الضمير الإنسانى العالمى.. تستدعى تساؤلات ضرورية بشأن تقاعس الحكومات سواء في الدول الغنية الكبري والديمقراطية أو فى الدول الأخرى عن تحصيل الضرائب المستحقة من الأثرياء وفي مقدمتهم هؤلاء الـ26 مليارديرا والذين يمتلكون ما يمتلكه نصف سكان الأرض!

< < <

هذا التقاعس لم تفت منظمة «أوكسفام» الإشارة إليه في تقريرها، إذ طالبت الحكومات بالتأكد من التزام الشركات والأكثر ثراء بدفع حصتهم من الضرائب المستحقة عليهم، وإن كان فاتها أن تطالب الحكومة بإجبار هؤلاء علي دفع الضرائب المستحقة بدلا من «التأكد»، مثلما فاتها أن تطالب «فى تقريرها» الحكومات برفع نسب الضرائب الواجبة عليهم خاصة أنها وصفتهم بأنهم ينعمون بنسب ضرائب هى الأدنى منذ عقود.

لعله لا خلاف علي التداعيات الخطيرة لتلك الفجوة الشاسعة المتزايدة بين الأغنياء والفقراء في العالم وعلي النحو الذى وصلت إليه حسبما أشار تقرير منظمة «أوكسفام» والتى تُنذر بعواقب وخيمة على مجمل الحياة فوق كوكب الأرض، باعتبار أنها تزيد من حِدة الخلل الاقتصادى الذى يشهده العالم وبما ينعكس سلبًا علي السلام الاجتماعى وأمن واستقرار الشعوب بل الحكومات والأنظمة السياسية أيضا.

تلك التداعيات هى ما حذرت منها المنظمة في تقريرها والتى اعتبرت أنها تتمثل فى الإضرار بالاقتصاد العالمي وفى جهود مكافحة الفقر بين الشعوب والأهم فى تقديرنا هو تأجيج الغضب لدي شعوب العالم خاصة لدى الفقراء والأكثر فقرًا.

تأجيج الغضب هو بلاشك أخطر تلك التداعيات خاصة أن الغضب قائم في كثير من مناطق العالم بسبب تزايد الفقر وهو الأمر الذى يستدعى تدخل حكومات العالم، إذ لا يخفي أن زيادة واستمرار معدلات الجوع والفقر والمرض والجهل هي التى تقود إلى اشتعال الثورات وإشاعة الفوضى وتخريب وتدمير مقدرات الدول، ولعل اشتعال فورات وثورات الغضب بسبب الفقر التي تشهدها بعض دول العالم في الوقت الراهن خير دليل علي مخاطر تلك التداعيات.

< < <

لكل ذلك.. تبقى أهمية ذلك التقرير الذى تزامن صدوره مع انعقاد منتدي دافوس الذى يبحث بحضور رؤساء حكومات العالم ورؤساء كبري الشركات سبل مواجهةالتحديات المحتملة التي يواجهها الاقتصاد العالمي وسط مخاوف من تباطؤ النمو والتداعيات السلبية للحروب التجارية.

 

مصر للطيران

آخر الأخبار

بنك الاسكان
NBE