شريف عبد الفهيم يكتب : الغول يجتاح جيوبنا

نعم الغول يجتاح أي شيء، يجتاح نفوسنا وأرواحنا وأبناءنا وأهلينا وأخيراً جيوباً.

والغول هنا المقصود به أي شيء يؤثر بالسلب على حياتنا، فالاكتئاب غول يجتاح النفوس، والإحباط غول يجتاح الأرواح، والفساد غول يجتاح حياتنا، وشبكة الإنترنت غول يجتاح أبناءنا، والغلاء غول يجتاح جيوبنا.

وكل غول من هؤلاء الغيلان كفيل بأن يدمر الحياة ويقلبها رأساً على عقب، لكنهم جميعاً يخضعون لغول واحد هو المتحكم والمسيطر عليهم جميعاً، إنه الغلاء الذي يضرب بكل قوته فلا يوجد فرد ينجو منه إلا من رحم ربي، الذين لا يفرق معهم أن يرتفع سعر كيلو اللحم 20 أو حتى 100 جنيه، في الوقت الذي يندب الفقراء حظهم إذا زاد سعر اللحم جنيهاً واحداً.

الغلاء غول يؤثر في كل شيء فهو يضرب الجيوب فيشعر الإنسان بالإحباط ويصيبه الاكتئاب لعدم مقدرته أن يوفر لأولاده القوت الضروري بل وربما أقل من الضروري، فالإنسان الغلبان الذي كتب الله عليه أن يكون من موظفي الدولة الذين لا تزيد مرتباتهم على 3000 جنيه أي بحسبة بسيطة 100 جنيه في اليوم، وهو ما يعني أنه يجب عليه أن يكفي بيته من طعام وشراب وكسوة وسكن بالـ100 جنيه، لو كانت أسرته مكونة من 3 أفراد وهو ما ليس متوفراً في مصر نهائياً، يجب عليه أن تكفي كل فرد فيهم 30 جنيهاً يومياً، فهل سوف تكفيه طعاماً وملبساً ودواء إذا مرض.

الغلاء هو في بلدنا أس الأدواء كلها فلولاه لكان الناس ارتاح بالهم، ما كان أحد منهم حمل هم العيشة ولا أصيب باكتئاب الذي يسبب 80% من الأمراض العضوية.

أتذكر أنني كهذه الأيام العام الماضي كان معي فائض من الدخل وكنت أرسم أحلاماً سرعان ما صارت رسماً على صفحة الماء لأخرج من عام 2018 مديوناً بمبلغ كبير، والسبب هو الغلاء الذي تغول حتى أصبحت الأسعار ثلاثة أو أربعة أضعاف ما كانت عليه من عام، والدخول قلت بشكل رهيب بسبب تعثر الكثير من المؤسسات التي أصبحت لا تستطيع أن تفي بالتزاماتا تجاه العاملين لديها لندور جميعاً في دائرة مفرغة يمسك بأطرافها غول الغلاء وحده.