الأموال
السبت، 20 أبريل 2024 07:46 صـ
  • hdb
11 شوال 1445
20 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

 أسامة أيوب يكتب : تعليقًا على استعانة المجلس القومى للسكان بخبراء أجانب

الأموال

 

أحسن الدكتور عمرو حسن مقرر المجلس القومى للسكان بالإعلان عن إعادة تقييم الخطة الاستراتيجية للسكان (2015 ــ 2030) باعتبار أن إعادة التقييم اعتراف شجاع وإن جاء متأخرًا جدًا بفشل الخطة الحالية وكل الخطط السابقة عبر عقود من الزمن لمواجهة كارثة الانفجار السكانى.

غير أنى توقفت مندهشًا أمام تصريحه بأن إعادة التقييم المقرر إجراؤها ستتم بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للاستعانة بخبراء دوليين فى مجال السكان.

المُثير للدهشة بل للأسف في تصريح هذا المسئول هو أنه لا يعنى فشل خطة المجلس فقط وإنما يعنى في نفس الوقت عجز الخبراء المصريين عن إعادة تقييم هذه الخطة.. سبيلا إلي التوصل إلي برامج وأساليب علمية لنجاحها وتصحيح أخطائها ومعالجة أسباب إخفاقها.

الأكثر خطورة وإثارة للدهشة أن يقول المسئول إن هؤلاء الخبراء الدوليين (الأجانب) هم الذين سيقومون بمهمة تقييم الخطة الحالية بعد الاطلاع علي ما تم إنجازه في الفترة الماضية!

< < <

هذه التصريحات للسيد مقرر المجلس القومي للسكان، لا تعقيب موضوعيا ومنطقيا عليها سوى أن تُصدر الحكومة قرارًا بحل هذا المجلس، ثم التعاقد مع شركة دولية متخصصة للقيام بمهمته، أو استقدام فريق من خبراء الأمم المتحدة في هذا المجال لإعداد وتنفيذ استراتيجية جديدة لمواجهة الزيادة السكانية.

وأحسب أن تكلفة التعاقد مع شركة دولية أو خبراء الأمم المتحدة لن تزيد علي ما يتقاضاه السيد مقرر المجلس والسادة الخبراء المصريون العاملون معه من أجور ومكافآت، بل قد تكون تلك التكلفة أقل بكثير من تكلفة عمل المجلس والتى تُعد بعد فشل خططه ثم عجزه عن إعادة تقييمها إهدارًا للمال العام.

> > >

ثم إنه مما يُعد مدعاة للدهشة والتساؤل أن يقول مقرر المجلس إن الخطة الجديدة المرتقبة بعد أو مع إعادة التقييم من جانب الخبراء الدوليين سوف تشارك فيها 49 جهة حكومية!

والسؤال: هل كانت تلك الجهات الحكومية مشاركة في خطة السكان الحالية، أم أن هذه المشاركة ستبدأ مع مجىء خبراء الأمم المتحدة؟

والسؤال الآخر: إذا كانت مشاركة بالفعل، فما هو الجديد الذى يمكن أن تضيفه باعتبارها كانت مشاركة في فشل خطة الجهاز؟ أما إذا كان المقصود استحداث مشاركتها، فلماذا يتم الاستعانة بخبراء دوليين مع إمكانية مشاركتها في الخطة الجديدة.

< < <

حقيقة الأمر أنه فات السيد مقرر المجلس القومى للسكان أن نجاح أى خطة تستهدف خفض معدلات الزيادة السكانية وخفض معدلات المواليد.. يختلف من دولة إلي أخرى، ومن بيئة سكانية إلي أخرى، ومن ثم فإن ما يصلح فى الهند أو في دولة افريقية على سبيل المثال.. من المؤكد أنه لا يصلح ولا يتناسب مع البيئة والثقافةالمصرية، إذ إن لكل مجتمع إنسانى خصوصيته التى يتعين فهمها والتعامل معها.

ولذا فإنه لا نجاح حقيقيا وفعليًا لأى خطة سكانية في مصر إلا وفقًا لخطة مصرية صميمة وبخبراء مصريين ومن واقع حياة المصريين على اختلاف وتنوع مواطنهم وثقافاتهم المحلية، إذ إن معالجة القضية السكانية تختلف أساليبها وآلياتها وبرامجها من الريف إلي الحضر ومن الدلتا إلي الصعيد، بل إنها تختلف أيضًا من طبقة المثقفين والمتعلمين من غير المتعلمين، ومِن مَن يتمسكون بثقافة دينية مغلوطة وغير صحيحة وبين غيرهم ممن يعلمون صحيح الدين..وهكذا.

< < <

وفي هذا السياق، فإن ثمة واقعة تؤكد ضرورة التعامل مع بيئة ثقافية بما يناسبها، وهى واقعة حكاها الدكتور إبراهيم إمام أول عميد لأول كلية إعلام ــ فى الجامعات المصرية وهى «إعلام القاهرة» ويرجع تاريخها إلى عام 1971.

تلك الواقعة جرت أحداثها في قرية سرس الليان بمحافظة المنوفية، حيث عرض خبراء الأمم المتحدة علي مجموعة من الريفيين والريفيات مشاهد فيلمية بهدف التوعية بتنظيم الأسرة وخفض معدلات الإنجاب.

المشهد الأول كان لأسرة صغيرة من زوج وزوجته وطفلين، وقد بدت عليهم مظاهر النظافة وهندام الملبس والصحة الجيدة، أما المشهد الثانى فكان لأسرة كبيرة العدد تضم الزوج والزوجة وأعدادًا كبيرًا من الأبناء، وقد بدا علي الزوج الإنهاك الشديد، بينما كانت الزوجة في ملابس رثة مهلهلة وفي صحة سيئة، وكان الأطفال التعساء بملابس ممزقة غير نظيفة.

أما المفاجأة المؤسفة فكانت تعقيب السيدات الريفيات جميعًا علي المشهدين والذى جاء على العكس تمامًا من المستهدف من تلك الرسالة الإعلامية التوعوية، إذ أجمعن علي الرثاء لحال الزوجة التي لم تنجب سوى طفلين باعتبار أن زوجها سوف يتزوج عليها من أخرى تُنجب له المزيد من الأبناء!

< < <

هذه الواقعة مهداة لمقرر المجلس القومى للسكان الذى يريد الاستعانة بخبراء من الأمم المتحدة.

< < <

من بين كل ما قاله مقرر المجلس والذى أتفق بشأنه معه وأحسب أنه لا خِلاف عليه هو قوله بأن أهم سلاحين في الاستراتيجية الجديدة المزمع تنفيذها بعد إعادة تقييم الخطة الحالية.. هى.. الإعلام وعلماء الدين، وإن كنت أرى أن أحد السلاحين وهو سلاح علماء الدين هو الأقوى تأثيرًا والأقدر بدرجة كبيرة جدًا في إنجاح استراتيجية خفض معدلات الإنجاب ومواجهة  كارثة الانفجار السكانى، خاصة أن تجارب السنوات الكثيرة السابقة أكدت فشل الاعتماد علي الإعلام في تغيير ثقافة المصريين السكانية والتى ترتبط بدرجة كبيرة بمعتقدات دينية خاطئة.

< < <

ولذا فإنه يكفى أن يذكر علماء الدين الحديث الشريف الذى يقول «وفرقوا بينهم فى المضاجع» لكل من يرفضون خفض معدلات إنجابهم، إذ الشرع الإسلامى وفقًا للحديث الشريف يأمر بأن يكون لكل واحد من الأبناء فراش «سرير» مستقل وغطاء مستقل وأن تكون للبنات غرفة نوم خاصة منفصلة عن غرفة نوم الذكور، ومن ثم فإن من لا يُطبق هذا الحديث انصياعًا للأمر الشرعى الدينى فإنه آثم ومخالف لتعاليم وأوامر الدين والرسول.

إن الاعتماد علي تكرار هذا الحديث الشريف هو أهم سلاح في استراتيجية خفض معدلات المواليد.

< < <

وأحسب أن ذلك السلاح هو أحد أهم مطلوبات تصويب الخطاب الدينى دون مساس بالثوابت.

مصر للطيران

آخر الأخبار

بنك الاسكان
NBE