شريف عبدالفهيم يكتب : والله وكبرنا
سمعت تلك الكلمة في الأسبوع الماضي كثيراً، "والله وكبرنا"، كلما كنت أتحدث مع أحد أصدقائي لأدعوه لحضور حفل خطوبة ابنتي، وكانت ردود الفعل بينهم متباينة، فمنهم من لم يصدق ما أقوله، ومنهم من تعجب من مرور الوقت، لكنهم جميعا أجمعوا على أمر واحد »والله وكبرنا«.
أخذتني تلك الجملة إلى سنوات كثيرة مضت من عمري، ومر أمام عيني شريط طويل من الذكريات التي اكتشفت معها أن الوقت فعلا مر وتسرسب من بين يديّ دون أن أدري، وأن دوامة الحياة سحبتني داخلها دون أن أشعر.
تذكرت كيف كنا نجتمع يحدونا الأمل في المستقبل وكيف تفرقت بنا السبل واتجه كل منا إلى سبيله وشق طريقه في المجال الذي اختاره، ثم مر أمامي شريط آخر بدأ يوم خرجت ابنتي إلى الدنيا وحملتها بين يدي وكيف كانت لا تنام إلى وهي »متكورة« بين أحضاني وكانت تنتظر حتى أغلق عيني ثم تأتي لتقول »مم« فأصحو لأوقظ أمها لتطعمها فإذا بها لا تريد الطعام وإنما تريد اللعب، وتذكرت أول مرة جاءتني حبواً وأول خطوة خطتها على الأرض.
وبدأت الذكريات تتهافت على خاطري لأتذكر من أول يوم ذهبت فيه إلى المدرسة حتى جاءني من يطلب يدها، وقتها علمت أنني فعلا كبرت ومر الزمن بي حتى أصبح لقب أبو العروسة يقال لي.
إحساس غريب حقاً، أن تكون في داخلك تحيا بعمر العشرين وفي الخارج أصبحت أباً لشابة يتهافت على بابك الخطاب لها، أمر متضارب يجعلني أحيا في اضطراب، كيف أتقبل أن أكون في وقت قريب جداً لأحفاد وأنا بداخلي ما زلت أحيا وكأني في العشرين من عمري.
وأخذت أسأل نفسي: هل حقاً ستكون أبو العروسة، هل فعلا كبرت ومر العمر بك، نظرت في تاريخ الميلاد لأتأكد أنني قاربت على الخمسين نعم كبرت، وأصبحت أبو العروسة وأصبحت على مشارف الخمسين.
نعم والله وكبرنا كما يقول الأصدقاء.
