الأموال
الجمعة، 29 مارس 2024 02:38 صـ
  • hdb
19 رمضان 1445
29 مارس 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

د. محمد فراج يكتب : كوارث التحكيم الدولى.. ونزيف الاقتصاد المصرى

الأموال

تحالف الفساد والجهل والاستخفاف بالدستور والقانون.. سبب الكوارث

بينما تستدين مصر بشروط قاسية يفرضها علينا صندوق النقد الدولى بعد مفاوضات عسيرة.. وتزف إلينا وسائل الإعلام أخبار كل شريحة جديدة من القروض يوافق الصندوق على منحها لمصر وكأنها فتح مبين.. يفاجأ الرأى العام بخبر صادم ـ ليس الأول من نوعه ـ عن غرامة تفوق شريحة قرض الصندوق (2 مليار دولار) فرضتها هيئة التحكيم (إكسيد) التابعة للبنك الدولي على مصر تعويضا لشركة أجنبية بسبب ما اعتبرته هيئة التحكيم المذكورة تقصيرا من الجانب المصرى فى الوفاء بتعاقده مع الشركة...

هيئة التحكيم التابعة للبنك الدولى والمعروفة اختصارا باسم «إكسيد» حكمت على مصر بدفع 2 مليار و12 مليون دولار أمريكى تعويضًا لشركة يونيون فيونسا جاز الإسبانية، بسبب «إخفاق» شركة «إيجاس» المصرية في توريد كميات الغاز الطبيعى المتفق عليها إلى المصنع الذى أقامته الشركة الإسبانية لتسييل الغاز في دمياط بموجب تعاقد بين تلك الشركة وكل من «إيجاس» والهيئة المصرية العامة للبترول، وكان العقد قد تم توقيعه عام 2000 وبدأ توريد الغاز مع بناء المصنع فى يناير 2005.. ثم بدأت كميات الغاز الواردة للمصنع تتناقص مع الأزمات التى شهدتها البلاد، بعد ثورة يناير 2011، حتى توقف التوريد تماما فى ديسمبر 2012.. فرفعت الشركة الإسبانية دعوى أمام هيئة التحكيم الدولية «إكسيد» مطالبة بتعويض قدره 4 مليارات دولار.. وحصلت على الحكم بتغريم مصر المبلغ السابق ذكره كتعويض (انظر التفاصيل فى «المصرى اليوم» ـ 6 سبتمبر 2018 ـ ص4).

جريدة «الفاينانشيال تايمز» ـ التى نشرت خبر الحكم أولا ـ أشارت إلي أنه من المرجح أن يتم دفع الغرامة بصورة عينية في صورة إمدادات من الغاز إلى مصنع الشركة الإسبانية فى دمياط خاصة بعد اكتشافات الغاز المهمة الأخيرة فى مصر، وفى مقدمتها حقل «ظهر» العملاق..

وقد أعلنت وزارة البترول المصرية أنها ستستأنف علي قرار التحكيم وستتخذ كافة الإجراءات اللازمة حفاظا على حقوق الدولة المصرية وتحقيقا للصالح العام».. وبغض النظر عن العبارات الرنانة، فلا نعرف ما هى الإجراءات التى يمكن اتخاذها غير الاستئناف أمام «إكسيد» نفسها!! علمًا بأن الهيئة الدولية استندت في قرارها إلي اعتبار أن الجانب المصرى المتعاقد «انتهك معاهدة حماية الاستثمار الثنائية من إسبانيا ومصر».. وهى معلومة مهمة سنحتاج إليها فيما يلي من نقاشنا.

جريدة «المصرى اليوم» نفسها أشارت فى عدد لاحق «11 سبتمبر» إلي أن محامى الجانب المصرى كان مكتب محاماة أمريكىا!! ومعروف أن الدول تلجأ فى مثل هذه القضايا إلي مكاتب محاماة ذات خبرة في النزاعات القانونية الدولية والقانون التجارى الدولى «إذا لم يكن لديها خبراتها الخاصة».. غير أن اللجوء إلى مكتب محاماة أمريكى بالذات، لا يبدو لنا خيارًا أمثل، لما يمكن أن يشوب هذه المكاتب من تحيزات وتلاعبات.. ويلفت النظر مثلا ما ذكرته «المصرى اليوم» من أن المكتب ـ محامى مصر ـ قد ذكر فى «دفاعه» أن المسئولين المصريين الذين وقعوا العقد كانوا «فاسدين»!! وهو أمر يبدو أقرب إلى الحقيقة فيما يتصل بعقود واتفاقيات البترول والغاز في تلك الحقبة (ولنتذكر مثلا صفقات حسين سالم لبيع الغاز المصرى إلي إسرائيل).. لكن بناء «الدفاع» على مثل هذه الحُجة هو طريق مؤكد لإدانة مصر وليس لتبرئتها!! فيما يهم أى محكمة أو هيئة تحكيم هو أن يكون هؤلاء المسئولون لديهم الصلاحية القانونية لتوقيع العقد وليس فسادهم من عدمه.

بينما كان ينبغى بناء دفاع الجانب المصرى علي «حالة القوة القاهرة» التى واجهتها البلاد في تلك المرحلة، والمتمثلة في الاضطرابات السياسية وتغيير السلطة العليا في البلاد من مبارك إلى المجلس العسكرى إلي حكم مرسى «الإخوان» وما ترتب على ذلك من اضطراب اقتصادى، وتناقص حاد في الاستثمارات الموجهة للتنقيب والاستخراج في قطاع البترول «والغاز».. وهو ما أدى إلى عدم كفاية الإنتاج لاحتياجات البلاد نفسها، واللجوء إلى استيراد الغاز المسال من الخارج.. وبالتالي الصعوبة التى تصل إلى حد الاستحالة في توريد كميات الغاز المتفق عليها إلى المصنع المذكور، بموجب العقد.

ومعروف أن «حالة القوة القاهرة» هى من الحالات المعطلة لتنفيذ الالتزامات القانونية والتعاقدات حتى الاتفاقيات.. لما يصاحبها من ظروف غير متوقعة، ويستحيل التنبؤ بها سلفًا، والتى جعل أحد طرفى الاتفاق عاجزًا برغم إرادته ونيته الحسنة وبسبب ظروف «القوة القاهرة» عن الوفاء بالتزاماته.. ومن بين هذه الظروف الثورات والاضطرابات السياسية، والغزو الأجنبى والزلازل والأعاصير المدمرة.. وكلها ظروف خارجة تمامًا عن إرادة وقدرة الأطراف المتعاقدة أو أحدها ومنها ما حدث في مصر ـ كما أشرنا ـ فيما يتصل بالشركة الإسبانية.. ومنها أيضًا ما حدث مع إمدادات الغاز المصرية إلى إسرائيل والأردن «وبغض النظر عن رأينا في العقد مع إسرائيل» حيث كانت أجزاء كبيرة من مسار خط نقل الغاز خارجة عن سيطرة الدولة المصرية بسبب نشاط الحركات الإرهابية في سيناء.. وكان الخط يتعرض للتدمير بصورة متكررة.. وذلك بخلاف أوضاع الثورة والاضطرابات السياسية والأمنية في داخل البلاد، وما ترتب عليها من  آثار اقتصادية.

وليس معروفًا ما إذا كانت شركة «إيجاس» والهيئة المصرية العامة للبترول قد اطلعتا على أوراق مرافعة «المحامى» الأمريكى قبل تقديمها.. أم تركتا الأمر «لعبقرية الخواجة» الذى تحدث عن «فساد المسئولين المصريين»!! مدينا لمصر بدل الدفاع عنها.. لكن تقرير «الفاينانشيال تايمز» الذى نقلته عنها «المصرى اليوم» (6 سبتمبر 2018) ليس به إشارة لمسألة «حالة القوة القاهرة» في دفاع المحامى، وإنما فى بيان وزارة البترول المصرية، وبالتالى فإننا لا نستطيع أن نحكم ما إذا كان هذا الدفع (بحالة القوة القاهرة) قد جاء بعد فوات الأوان.. أم لا؟

لكن الواضح تمامًا من التقرير أن هيئة التحكيم الدولية «إكسيد» قد استندت فى إدانتها للطرف المصرى وإلزامه بالتعويض إلى انتهاكه «لمعاهدة حماية الاستثمار الثنائىة مع إسبانيا». ويقودنا هذا إلى سؤال بالغ الأهمية: هل تتضمن  اتفاقية حماية الاستثمار المذكورة بندًا يتصل بحالة القوة القاهرة أم لا؟ نحن نعرف مما نقرأه في الصحف عن منازعات الاستثمار وقضايا التحكيم أن الدول الأوروبية (وغيرها من الدول المتقدمة) تتفنن في وضع البنود القانونية التى تحمى استثماراتها ومصالحها.. بل وتشترط تطبيق قوانينها فى حالات نشوب نزاعات حول أمور معينة.. ونعرف أن عدم اهتمام ممثلى الدول النامية (ومنها مصر) بالدراسة الدقيقة جدًا لمشروعات الاتفاقيات يوقعها في فخاخ صعبة للغاية حينما تنشأ نزاعات لم يفكر فيها من يوقعون هذه الاتفاقيات أو من يعدونها لتوقيع مسئولين أكبر كرؤساء الدول مثلا.. وتحدث هذه الأمور نتيجة للاستسهال أو للفساد أو الجهل.. وتدفع الدول النامية ثمن ذلك كله غاليًا.. علمًا بأنه حتى غير المتخصصين ـ مثل كاتب هذه السطور ـ يعرفون هذه الأمور من مجرد متابعة الصحف ووسائل الإعلام.

سواء كانت الاتفاقية المذكورة تتضمن هذا البند بالغ الأهمية أم لا.. فالمؤكد أن العقد بين «إيجاس» والهيئة المصرية العامة للبترول والشركة الإسبانية، كان لابد أن يتضمنه (كبند روتينى بديهى) يعرفه أى قانونى بالضرورة.. وواضح من التقرير والحكم أن العقد لم يتضمن هذا البند.. فمن يتحمل مسئولية هذا الخطأ الذى وضعنا أمام التزامات مالية فادحة.. وكأننا نكتشف حقل ظهر ونطوّره، لنعود فندفع جزءا معتبرا من إنتاجه كغرامة لم تكن لتفرض علينا لولا الفساد أو الاستسهال أو الجهل!!

ومعروف أنه بحكم الدستور والقانون فإن مثل هذه العقود والاتفاقيات بين أى جهة حكومية مصرية (ومنها إيجاس وهيئة البترول) لابد من مراجعتها وإقرارها من جانب هيئة قضايا الدولة، أو مجلس الدولة، أو البرلمان (حسب الأحوال المقررة قانونا).. بما يحافظ على حقوق الدولة وملكية الشعب المصرى ومصالحه. وبديهى أن عدم احترام الإجراءات الدستورية والقانونية فى كل هذه الأحوال يفتح الباب لأخطاء وخطايا مصدرها الفساد المتعمد، أو الاستسهال أو الجهل.. ولكن مصر هى التى تدفع ثمنها فى النهاية.

وكارثة الحكم بالتعويض علي مصر لشركة كهرباء إسرائيل بسبب انقطاع توريدات الغاز المصرى (3 مليارات دولار) تقدم هى الأخرى مثالا أفدح فى هذا الصدد.. وإن كان الفساد هو السبب الواضح الذى يفقأ العين فيها.. فسعر المليون وحدة حرارية كان (75 سنتًا)!!! بينما كان السعر فى الأسواق العالمية وقتها (11 ـ 12 دولارا).. والاتفاق كانت مدته 20 عامًا، دون مراجعة للأسعار المتغيرة!! ولم تكن هناك أى ضمانات أو حماية لحقوق مصر.. إذا كان يمكن الحديث عن (حقوق) في مثل هذه الصفقة العجيبة.. وحينما طرح بعض النواب وأصحاب الرأى ضرورة مناقشة الاتفاقية (التي لم تعلن بنودها!!) فى البرلمان كان رد ترزية القوانين وأساطين الفساد أن هذه الصفقة ليست بمقتضى اتفاقية، وإنما «بروتوكول»!! مما يخرجها عن رقابة البرلمان! والآن.. وبعد أن أعطينا الغاز لإسرائيل لسنوات (مجانا تقريبا) نجد أنفسنا مطالبن بدفع غرامة قدرها 3 مليارات دولار.. أى ربما أكثر من كل ما تقاضيناه من إسرائيل!!

وقد سبق أن خسرت مصر قضايا تحكيم دولى من أبرزها مثلا قضية مطار رأس سدر، كما كشفت تطورات صفقات الخصخصة الفاسدة عن إهدار فاضح لمصالح الدولة والشعب  بموجب عقود لم يكن يمكن إبرامها بغير الفساد أو الاستسهال أو الجهل.. وفسخها يكبّدنا  خسائر كبيرة، واستمرارها يكبّدنا خسائر أكبر.. ولدينا قضايا كثيرة أمام التحكيم الدولى كثير منها يشوبها نفس العوار.. وفى كل هذه القضايا والعقود نجد أن الإجراءات الدستورية والقانونية تم إهدارها. وكان يمكن لمراعاتها منع كوارث أصابت اقتصادنا أو تهدده.

والسؤال الآن: ألا يكفى كل ما أصابنا.. أم أن مصر محكوم عليها بأن تظل ضحية دائمة لهذا النزيف المدمر بسبب ثالوث الفساد والجهل وعدم احترام الدستور والقانون؟

مصر للطيران

أسعار الذهب

متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
الوحدة والعيار الأسعار بالجنيه المصري
عيار 24 بيع 2,491 شراء 2,503
عيار 22 بيع 2,284 شراء 2,294
عيار 21 بيع 2,180 شراء 2,190
عيار 18 بيع 1,869 شراء 1,877
الاونصة بيع 77,483 شراء 77,839
الجنيه الذهب بيع 17,440 شراء 17,520
الكيلو بيع 2,491,429 شراء 2,502,857
سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى

أسعار العملات

العملة شراء بيع
دولار أمريكى 30.8423 30.9386
يورو 33.0969 33.2126
جنيه إسترلينى 38.4511 38.5835
فرنك سويسرى 34.5146 34.6379
100 ين يابانى 20.9299 20.9967
ريال سعودى 8.2224 8.2485
دينار كويتى 99.8811 100.2254
درهم اماراتى 8.3957 8.4242
اليوان الصينى 4.2372 4.2516
بنك الاسكان
NBE