الأموال
السبت، 20 أبريل 2024 09:45 صـ
  • hdb
11 شوال 1445
20 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

د. محمد فراج يكتب : أهمية التعاون المصرى الروسى في مكافحة الإرهاب

الأموال

زيارة سيرجى شويجو للقاهرة.. خطوة مهمة لتعزيز القدرات العسكرية المصرية

أسلحة وتكنولوجيا فائقة التطور.. وخبرات روسية متقدمة في مكافحة الإرهاب.. متاحة لمصر

زيارة وزير الدفاع الروسي إلى القاهرة «الأربعاء 29 نوفمبر» تجىء فى لحظة خاصة، بعد أيام قليلة من جريمة «مسجد الروضة» الإرهابية المروعة في سيناء، وفي نفس يوم تكليف رئيس الجمهورية لرئيس أركان حرب القوات المسلحة ووزارة الداخلية بوضع حد لجرائم الإرهاب في سيناء خلال 3 شهور، وفى ظل تصاعد كبير للتوتر في المنطقة تتعدد مظاهره وأطرافه، ولا يتسع المقام للخوض في تفاصيله، لكن يهمنا أن نشير بوجه خاص إلي تطورين جوهرين بالنسبة لنا، أولهما يتعلق بتدفق الإرهابيين علي ليبيا قادمين من سوريا والعراق، بعد الهزائم المتتالية لـ«داعش» في هذين البلدين الشقيقين، مع ما هو معروف للكافة من تركيز هذه الجماعات والجماعات الإرهابية الأخرى الموجودة في ليبيا من استهداف لمصر عبر الحدود المترامية بين البلدين. وثانى هذين التطورين المهمين يتعلق بفشل المفاوضات مع اثيوبيا حول سد النهضة، والتصريحات العدائية من جانب أديس أبابا حول قضية السد، وتصاعد الجدل في الأوساط السياسية والإعلامية حول سبل مواجهة التهديدات الخطيرة للأمن القومى المصرى التى يطرحها هذا الموقف.

ويجب أن نشير بوضوح إلي أن زيارة وزير الدفاع الروسى سيرجى شويجو كانت مقررة سلفاً، ولا تجىء فى علاقة مباشرة بالتطورات الأخيرة، بل لحضور اجتماعات الدورة الرابعة للجنة المصرية الروسية المشتركة للتعاون العسكرى، وهى إحدى أهم اللجان المشتركة لتطوير التعاون بين القاهرة وموسكو إن لم تكن أهمها.. إلا أن محادثات شويجو في القاهرة لا يمكن أن تكون بعيدة عن كل التطورات الجارية في المنطقة وجهود مصر لتعزيز قدراتها العسكرية في مواجهة التحديات والأخطار التي تطرحها هذه التطورات، وقد أعلن شويجو في اجتماعات اللجنة المذكورة استعداد موسكو لتطوير دعمها للقاهرة في مواجهة  الإرهاب ومختلف مظاهر التهديد لأمنها القومى، مؤكدا أن مصر كانت ولاتزال شريكنا الاستراتيجى في شمال إفريقيا والشرق الأوسط مؤكدا ضرورة زيادة التعاون بين الطرفين في مواجهة الإرهاب بصفة خاصة.

وأضاف أن روسيا تخطط لتطوير التعاون العسكرى والعسكرى ـ الفنى بهدف تعزيز القدرات القتالية للقوات المصرية التي تواجه الإرهاب.

وكان اهتمام الرئيس السيسى باستقبال شويجو عقب وصوله إلى القاهرة مؤشرًا على أهميةالزيارة، حيث نقل الوزير الروسى إلي الرئيس السيسى تعازى الرئيس بوتين في شهداء جريمة «الروضة» وغيرها من جرائم الإرهاب، وأكد دعم بلاده لمصر فى مواجهة الإرهاب ومختلف المخاطر علي أمنها القومى.

وكانت وسائل الإعلام الروسية قد أشارت إلي وجود مجموعة من العقود العسكرية المهمة بين البلدين منذ عام 2014 تبلغ قيمتها 3.5 مليار دولار وإلي أن روسيا سلمت مصر عام 2016 نظم دفاع جوى صاروخية متقدمة من طراز «آنتى 2500» المشابه في مواصفاته للـ«إس 300» الشهير.. كما سلمتها عام 2017 مجموعة من طائرات «ميج 29/mm2» المقاتلة القاذفة المتطورة في إطار صفقة يبلغ إجماليها (46 طائرة)، كما أشارت إلي أن المحادثات تجرى هذه الأيام حول تزويد مصر بطائرات الهيلكوبتر المقاتلة من طراز (KG 52) الضرورية لتسليح حاملتي الهيلكوبتر المصريتين «جمال عبدالناصر» و«أنور السادات» من طراز «ميسترال» بما يبلغ عدده الإجمالى نحو 50 هيلكوبتر مقاتلة، وهو ما يعطى دفعة كبيرة ونوعية لسلاح البحرية المصرى.

وقد نلاحظ أن الجانب المصرى يبدو متكتمًا فيما يتصل بقضايا التسليح، والمعلومات الصادرة عنه شحيحة بصورة ملحوظة، بينما يبدو الجانب الروسى حريصا علي الإعلان عن صفقات التسلح، ويزخر الإعلام هناك بتفاصيل عن الصفقات وتكلفتها، ومن ذلك مثلا أن شويجو كان قد أعلن عن عرض روسى لمشاريع مهمة للتعاون العسكرى، والعسكرى الفني في 29 مايو الماضى (راجع مثلا: موقع RT الإلكترونى في 29نوفمبر 2017) ولذلك نجد أنفسنا مضطرين للاعتماد علي وسائل الإعلام الروسية، طالما أنه لم يصدر عن الجانب المصرى تعليق على هذه المعلومات الروسية.

ومعروف أنه كانت قد جرت مناورات عسكرية مشتركة بين مصر وروسيا، من بينها مناورتان جرت إحداهما علي الأراضى المصرية والأخرى علي الأراضى الروسية، حيث تمتلك القوات الروسية خبرات شديدة التطور في مكافحة الإرهاب، بما في ذلك عمليات إنزال القوات الخاصة علي مراكز تجمع الإرهابيين.

هناك أيضاً قضية تستحق أقصى الاهتمام من جانب مصر، تتصل بالعمل الاستخبارى وجمع المعلومات يمكن للطرف الروسى أن يقدم لنا فيها مساعدة بالغة الأهمية، ذلك أن أقمار الاستطلاع «التجسس» الروسية المتطورة، تمسح كل شبر في العالم علي مدار الساعة.. ويمكن أن تمدنا بصور المسح الفضائى للصحراء الغربية والشرقية وشبه جزيرة سيناء (وهى خدمة تقدمها الدول المتحالفة والصديقة لبعضها البعض بمقابل مادي غير كبير وقد كتبنا عن هذا الموضوع مرارًا في صحف مصرية وتحدثنا عنه في التليفزيون الرسمي المصرى.. ونحن في مسيس الحاجة لتوفير هذه الخدمة بصورة منتظمة، خاصة أن مساحات صحراواتنا شاسعة جدًا.. وحدودنا البرية والبحرية طويلة، ويقع بعضها في مناطق وعرة وكاحلة يصعب مراقبتها بالوسائل التقليدية (الحدود مع ليبيا مثلا حوالى 1250 كم.. ومع السودان حوالي ألف كيلومتر، فضلا عن الحدود البحرية الطويلة على البحرين الأحمر والمتوسط) ويبدو المسح الدائم لهذه الحدود المترامية والصحراوات الشاسعة أمرًا لا غنى عنه من أجل مراقبة ذات مستوى جيد من الكفاءة.،. وهو ما توفره الأقمار الصناعية (الروسية في حالتنا).

كما نجحت روسيا خلال الأعوام الأخيرة في إحداث تطوير كبير للطائرات بدون طيار.. وهو سلاح بالغ الأهمية سواء في عمليات الاستطلاع أو قصف الأهداف المعادية، ما يوجب ضرورة الاهتمام الشديد بتطوير التعاون مع الجانب الروسى في هذا المجال.. ونشدّد هنا علي أن تكثيف النشاط الإرهابى الخارجي ضد مصر فى المرحلة الحالية، يوجب ضرورة توسعنا في استخدام مثل هذه الأساليب المتطورة تكنولوجيا لتأمين حدودنا وأراضينا.

كما أن تقدم روسيا في تطوير تكنولوجيات التنصت والتتبع والرؤية الليلية (بالأشعة تحت الحمراء وغيرها) مسألة معروفة.. وهو ما يمثل جانباً مهماً من جوانب التعاون العسكرى بين القاهرة وموسكو ينبغى أن تولي تطويره أشد الاهتمام.

تظل مسألة تبادل المعلومات بخصوص الأفراد والجماعات الإرهابية من المجالات التقليدية للتعاون في مكافحة الإرهاب بين الدول الصديقة، وتجب الإشارة هنا إلي الخبرة الضخمة التى راكمتها من خلال عملياتها العسكرية في سوريا، ونشاط أجهزة مخابراتها في العراق، حيث توجد أعداد كبيرة من الإرهابيين المصريين، المتوقع عودة كثيرين منهم إلي البلاد بعد الهزائم القاسية التي تتعرض لها المنظمات الإرهابية في سوريا والعراق.. بالإضافة طبعًا إلى الذين يتوجهون بأعداد كبيرة إلى ليبيا، حيث يتخذون منها قاعدة لشن هجماتهم الإجرامية علي مصر، فضلاً عن تهريب السلاح والبضائع والأفراد.

ومعروف كذلك اهتمام روسيا المباشر بمكافحة الإرهاب في ليبيا وشمال إفريقيا ودول الصحراء الكبرى (وليبيا بوجه خاص).. وهو ما يمثل مجالا خصبًا للتعاون في ضرب التجمعات الإرهابية علي حدودنا الغربية، وجدير بالذكر أن موسكو قد قطعت شوطًا كبيرًا في التعاون مع المشير خليفة حفتر وقواته وبرلمان طبرق وحكومة بني غازى.. وكلها مواقف تؤيدها مصر وغير خافٍ أن كل خطوة يتخذها الشعب الليبى وقواه الحية في اتجاه إعادة بناء الدولة الوطنية الليبية، يمثل إضعافًا لقوة الجماعات الإرهابية وتقليصاً لخطرها علي مصر وهنا أيضاً يبرز مجال شديد الأهمية للتعاون المصري الروسى.

وخلاصة القول أن زيارة وزير الدفاع الروسى إلي مصر واجتماعات اللجنة العسكرية المشتركة تجىء في وقتها المناسب تماما، ويحق لنا أن نتوقع منها نتائج مهمة.

مصر للطيران
السيسى القوات البحرية
بنك الاسكان
NBE